خطاب الملكة رانيا خلال الحفل النهائي لأهل الهمة

June 29, 2009

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛

السلام على حامي الوطن سيدنا عبدالله الثاني ابن الحسين، على كل مواطن فاعل ونفس معطاءة. سلام على جبالنا وزيتوننا وزعترنا ورائحة أرضنا العطرة.
السلام على كل من حمل عبء الأمانة.

أمانة المسؤولية ... أمانة تناقلها قاطنو أرضنا الطيبة جيلاً بعد جيل ... نحتوها في صخور البتراء؛ رفعوها ساريات على قمم الجبال؛ ربطوها على سنام إبل البادية؛ حملوها شراراً في عيونهم، على أكتافهم وعقال رؤوسهم.

عديدة مسمياتها: مساعدة الغير والفزعة والعونة والنشمية؛ ضاربة جذورها في كل شبر من الأردن الهاشمي، متوارثة مع كل جيل يولد.

أطلقنا أهل الهمة لنجدد الفخر بأنفسنا، ولكي نؤكد لك يا صاحب الجلالة، في العيد العاشر لجلوسك على العرش، أن قلوب الأردنيين غيورة على الأردن وعلى أهله.

أنت اليوم لا تقف على منصة، بل ترتكز على أكتاف صلبة وهامات مرفوعة، ستظل ترفعك عالياً كي تستشرف مستقبل الأردن؛ ولتظل قريباً من ضوء القمر، ينير لك الليالي التي تسهرها لإيجاد وسيلة لتحقيق هذا وإصلاح ذاك.

بارك الله في وقتك وتعبك. ليظل بلدنا بحكمتك وحنكتك مزدهراً وآمناً.

أهل الهمة كثيرون ... والمرشحون النهائيون المتواجدون معنا هذا المساء يمثلون الآلاف الذين يعملون لخدمة الغير، بشكل فردي أو من خلال جمعيات تكاتف المتطوعون فيها لرفعة المجتمع.
يعملون لأنهم مسؤولون، لا عن أنفسهم فقط، بل عن مجتمعهم. مسؤولية تحملوها لأن المواطنة هي تكبد العناء لتحسين ما يمكن تحسينه، وليس فعل ما تراه بمقدورك فحسب. نتمنى ألا يتوقف عطاؤكم ... فأنتم من جعلنا نطلق أهل الهمة. وهذا الاحتفال وما سبقه من فعاليات ما هو إلا لتكريمكم وجعلكم قدوة بل ومثالاً على ما يمكن لنا إنجازه والوصول إليه، إن تمتع كل أردني بالمسؤولية مثلكم.

والإنسان المعطاء في المجتمع لا يتوقف عادة ليحسب أفعاله الخيرة؛ فهو مشغول عن عدها بالعطاء المستمر.

عملتم أيها المرشحون بصمت، فتكلم عن عطائكم غيركم.

مبروك سلفاً للعشرة الفائزين الذين ستمنح عشر بعثات جامعية باسمهم. نعول على أن تنتشر، من اليوم، ومن هنا، عدوى العمل لتحسين وضع الغير. أن يكون متلقو هذه البعثات الجامعية على قدر المسؤولية، ويكونوا فاعلين في النهوض بمجتمعهم وسد احتياجاته، كي لا تنطفئ شعلات العطاء العشر التي أضيئت اليوم، بل تتكاثر من العشرات إلى المئات إلى الآلاف، إلى أن تضاء بلادنا بالمسؤولية والإيثار والمواطنة الفاعلة.

فالعلم هو أساس كل تطور، ومنه ينهل صناع غد الأردن المشرق.

قد لا يكون بلدنا الأغنى بالموارد الطبيعية، لكن العلي القدير كان سخياً مع الأردن بالعقول والقدرات البشرية.

قال الحسين الباني، طيب الله ثراه، إن "الإنسان أغلى ما نملك". وقد عززت يا سيدنا ذلك المفهوم باستثمارك في المواطن الأردني. وأثمن ما يقدمه قائد لشعبه هو التمكين، كي يكون عضواً فاعلاً في المجتمع، ولكي لا يكون مسيَراً، بل قائداً.

سيدي ... لقد جيشت قادة، وأهل العزم وأهل الهمة كلهم الأردن .....
قادة يقومون بدورهم بتمكين الآخرين. أعطيتنا الإرادة والقوة والدافع لنطمح، لنحلم بعيداً، لنتعلم أكثر، لنصبح الأفضل، نساء ورجالاً على حد سواء. وأنا رانيا العبدالله أولى المجندات...

في الذكرى العاشرة لتولي جلالتك العرش، خاطبت أهلك وعشيرتك وأثنيت على صبرهم وصلابتهم التي سخروها "فدوى لعيون الأردن"؛ كل عام وأنت على رأسنا .. ها هم النشامى وها هم الأردنيون فدوى لعيون الأردن وعيونك يا بو حسين.

اليوم نحتفل بك يا صاحب الجلالة، بأهل الهمة، بكم يا خيرة الشعب، بعقود يظل الأردن فيها مزدهراً بمواطنيه، شامخاً أبياً آمناً متميزاً.

لأن شيئاً من العطر يبقى دائماً في الأيدي التي تعطي الورد.

بوركت أياديكم العطرة يا أهل الهمة وبورك الأردن بكم.

سيدنا، تفضل ...