ترجمة حديث جلالة الملكة رانيا في مخيم لاجئي الروهينجا في بنغلاديش

23 تشرين الأول 2017

شكراً للجميع على حضوركم هنا. منذ آب الماضي، شهدنا تصعيداً صادماً في العنف والاضطهاد تجاه أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار.

ونتيجة لذلك ومنذ ذلك الحين، نزح أكثر من 600 ألف شخص من الروهينجا إلى بنغلاديش، مما قد يجعلها أسرع أزمة لاجئين طارئة. 

دون أي احترام أو اعتبار لمبادىء الإنسانية وأحكام القانون الدولي، وعلى مرأى من العالم يتواصل التمييز والاضطهاد بلا هوادة نحو أقلية الروهينجا.

خلال المسير في المخيم اليوم، أخبرني قاطنوه قصصاً مروعة عن أعمال عنف شهدوها لا يمكن تخيلها .. لأطفال يُتموا .. نساء هوجمن بوحشية.. أفراد أسر ذُبحوا.. وقرى جرى إحراقها.

قبل المجيء هنا، هيأت نفسي لمشاهدة أوضاع مأساوية، لكن القصص التي سمعتها هنا اليوم مفجعة ولا توصف.

سمعت عن اغتصاب ممنهج لفتيات صغيرات، حوصرن في المدارس واغتصبن من جنود. سمعت عن أطفال رضع يركلون مثل كرة قدم ويسحقون. سمعت أفراد أسر يروون لي كيف رأوا آباءهم يقتلون أمامهم، هذا غير مقبول.

وبالرغم من أن هؤلاء وصلوا الى الأمان هنا، إلا أن مأساتهم لم تنته بعد. الاحتياجات كبيرة وعاجلة: يوجد شبه انعدام للمياه النظيفة، أكثر من ثلاث أرباعهم يفتقرون الى ما يكفي من طعام والخدمات الصحية محدودة جداً.

يمثل الأطفال 60% من عدد اللاجئين، وذلك لأن الذكور فوق عمر 12 عاماً يقتلون بطريقة ممنهجة. وبحسب ما سمعت من اليونيسف 14 ألف طفل من هؤلاء الأطفال يعيشون خطر الموت من سوء التغذية.

أعلم أن المنظمات الانسانية تقوم بعمل رائع هنا. منظمات مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولجنة الانقاذ الدولية واليونيسف والمنظمة الدولية للهجرة تقوم بجهود كبيرة، ويعملون بجد تحت ظروف صعبة جداً في محاولة لتخفيف المعاناة، لذا أود أن أشكر تلك المنظمات.

وكما أشكر حكومة وشعب بنغلاديش على استجابتهم لهذه الأزمة بهذا الكم من الإنسانية والتعاطف والكرم، على الرغم من أنهم أنفسهم يواجهون صعوبات. فلإظهار هذا التعاطف ثمن مرتفع على المجتمع المستضيف وعلى شعب بنغلاديش. فهم يتشاركون القليل الذي لديهم، وسخاؤهم هذا يستدعي الثناء. لذلك أشكر شعب بنغلاديش.

لكن هناك حاجة ماسة وواضحة للجميع لتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية. أدعو مجتمع المانحين، في الوقت الذي يجتمعون به اليوم في جنيف، للاستجابة بسرعة وفعالية وسخاء. 

ما لا يمكن قبوله هو أن هذه الأزمة تحصل أمام أعين المجتمع الدولي، دون أي مبالاة. العالم يكاد يكون صامتاً لما يعتبره الكثيرون الآن تطهيراً عرقياً لمسلمي الروهينجا.

علينا أن نتساءل لماذا هذا التجاهل لمأساة هذه الاقلية المسلمة؟ لماذا يُسمح بهذا الاضطهاد الممنهج؟ للأسف، نتيجة لبعض الأعمال الرهيبة من قبل أقلية صغيرة جداً - نراهم نحن الأغلبية خوارج عن الإسلام-، رأينا مشاعر قوية ضد المسلمين وصور نمطية سلبية، بحيث أصبح العديدون حول العالم غير قادرين على رؤية المسلمين كضحايا.

مما يجعلنا نتساءل، إذا تغير الحال وتم ارتكاب أعمال العنف هذه من قبل المسلمين، هل ستكون استجابة العالم بالصمت الذي نراه اليوم هنا.

أدعو لوضع نهاية لمعاناة مسلمي الروهينجا والعنف الذي يتعرضون له وعلى الامم المتحدة والمجتمع الدولي أن يتخذا موقفاً أقوى - ليس لأن ذلك مسؤوليتنا فقط، لكن لأن العدالة تتطلب ذلك أيضاً.

مرة أخرى، أشكركم جميعا على جهودكم، وآمل أن نتمكن من خلال الحوار والمصالحة من أن نشهد نهاية معاناة هؤلاء الناس.