خطاب جائزة التميز التربوي 2015

14 كانون الأول 2015

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

يفرحني دائما حضور حفل جائزة التميز التربوي، حفل تكريم المعلمين والمعلمات، والمدراء والمديرات.

يسعدني هذا الحفل لأسباب عدة ... أولا لأن المعلم ومدير المدرسة وجميع التربويين هم بالنسبة لي الأهم، فهم المستقبل وهم الأمل.

وثانيا لأن الاحتفال بعطاء وتميز الآخرين حدث مفرح، يبعث فينا الفخر والاعتزاز، ويزيدنا انتماء وأملا.

أشعر أحيانا بأننا في غمرة الأحداث المتسارعة، يفوتنا النظر إلى بعضنا بعين التقدير والشكر.

وأنتم، أيها التربويون، أحق الناس بالشكر... فشكرا على عملكم وتفانيكم.

نحن محظوظون بكم! .... ومحظوظون أنتم أيضا في نظرنا.

فقربكم من الأطفال – وقضاؤهم ثلث يومهم معكم؛ منذ الطفولة وحتى التخرج -  يجعلكم شهودا على تجاربهم الأولى، وكم هي ملهمة عيون الطفل حين تلمع بعد أن تدغدغت حواسه بإحساس جديد أو بمعلومة جديدة!

أنتم شهود البدايات وأوائل المعارف، وتلك هي نواة الشخصية وأساس تكوينها.

أيها المربون الأفاضل؛ الحضور الكرام؛

قبل عشرة أعوام أطلقت جائزة المعلم، ليصبح تقدير التميز التربوي عادة؛ وجزءا من تقييمنا السنوي لمنجزاتنا كوطن.

أطلقتها لسبب آخر قد لا يعرفه بعضكم... فقد آلمني آنذاك شعور المعلمين بأنهم ليسوا مهمين في مسيرة الوطن وتقديره. وحينها قلت: "لقد عاد زمن المعلم" إيمانا بدوركم وأملا في أن يعود المعلم لمكانته ويعود مرجعية للناس.

فتقدير المعلم مسؤولية اجتماعية عامة، تأتي من البيت الذي ينشأ فيه الطالب، ثم من المعلم المتمكن الذي يفرض احترامه على طلبته بإمكانياته، وعلمه، وأسلوبه.

فيجب أن يتعلم الطالب قيمة التعليم قبل أن يدخل المدرسة... يجب أن يعي جيدا.. أن بين واقعه.. ومستقبل كريم له ولعائلته.. بينهما المدرسة.... والتعليم... والمعلم!

إخواني وأخواتي:

الآن.. في ظروفنا الراهنة، أكثر من أي وقت، نحن بحاجة للمعلمين ولدورهم.

فمستقبلنا مرهون بالجيل القادم... مرهون بمستوى تعليمهم، وبالقيم التي تغرسونها فيهم..

ما يحدث حولنا.. أدخل على جيلنا اليافع مفاهيم جديدة. لم يسمع بها جيلنا ولا جيل آبائنا حين كنا صغارا:

طائفة، وأصل، وطبقة، وأقلية، وفئة؟!

والشعور بالاختلاف هو آفة المجتمعات، يضرب النسيج غير المتماسك ويتفشى فيه، ويولد الخوف من الاختلاف.

والعقول التي يتملكها الخوف لا تتسع للأحلام!

وأي مستقبل دون أحلام.. وآمال.. وطموح؟

ونحن بلد طموح، مبني على العزم وأهله، بلد واع وواقعي، ومدرك أن أمام أجيالنا الناشئة تحديات لم تمر على أوطاننا من قبل.

لهذا يجب علينا أن نحصن أجيالنا، وننشئهم على القيم التي توارثها الأردنيون أبا عن جد، على التعددية والحوار. أن يتنفسوا الانتماء للأردن ووحدته كل يوم وكل صباح. مع تحية العلم؛ ومع تحيتهم لزملائهم في الفصل، فتنبض قلوبهم مواطنة.

يجب أن نعلمهم بأنهم جزء من مجتمع دولي، بيننا وبين غالبيته قواسم مشتركة تفوق اختلافنا عنهم بكثير. لنعلم أولادنا قيما تساعدهم على العيش، لا قيما تعزلهم فيعيشون في خوف من الآخر!

وأنتم أيها المعلمون المتميزون سبيلنا للارتقاء بثقافتنا المشتركة، ولتنشئة أجيال أردنية متعايشة ومتماسكة.

وكلي تفاؤل وأمل.. وما يدفعني إليهما هو يقيني بوعيكم؛ معلمين ومدراء وأهالي ومجتمع: بأن مستقبلنا ما هو إلا انعكاس لتعليمنا اليوم.

أيها الأفاضل "هذا.. هو زمن المعلم". ونحن هنا اليوم لنحتفي بكل معلمي ومدراء مدارس الوطن الملتزمين، ولنتقدم لهم بباقة من الياسمين تفوح تقديرا وعرفانا.

مبارك لكل الفائزين بالجائزة هذا العام، ومبارك للوطن نجوما انضموا إلى كوكبة المتميزين تربويا. فضوء طموحكم لأنفسكم، ولطلابكم سينير دروب المستقبل.

بارك الله فيكم وفي تعبكم.