كلمة الملكة رانيا في جلسة حراس الأهداف 2017

20 أيلول 2017

ترجمة

في مثل هذا الشهر قبل أربعين عاماً، أطلقنا شيئاً رائعاً.

المسبار الفضائي" فوياجر 1" حلق في الفضاء لاكتشاف نظامنا الشمسي .. وما وراءه.

وحمل معه تذكاراً من الأرض، السجل الذهبي، وهو عبارة عن قرص قطره 12 بوصة سجل أهم انجازات البشرية.. مع صور توضح حياة الانسان.. وتسجيلات للتحية بـ55 لغة مختلفة.. ومختارات من الموسيقى العالمية لبيتهوفن وتشاك بيري.. ومجموعة من الهدايا التذكارية الصوتية الأخرى.

فاليوم وعلى بعد 13 مليار ميل من الأرض، هنالك كبسولة زمنية من السبعينيات تتجول عبر المجرات.

لكن، ما يضاهيه روعة أيضا هو كم حققنا نحن في تلك الفترة الزمنية هنا على الأرض. فكروا كم هو مختلف عالمنا اليوم عن العالم الذي عرفه " فوياجر" حينها.

لدينا اليوم قدرة أكبر في الهواتف التي نحملها في جيوبنا عن تلك الموجودة في حواسيب الفوياجر.

لقد ابتكرنا الانترنت (الشبكة العنكبوتية) .. ورسمنا خريطة الجينوم البشري .. وقضينا على أمراض عديدة.. واخترعنا آلات غيرت طريقة تواصلنا وتعلُمنا وحياتنا.

والآن، يوجد لدينا محفز جديد ومهم للتقدم يمكن أن يحول آمال الانسانية.

إنني أتحدث عنكم.

جيلكم هو " التغيير الأكبر في عملية تغيير العالم ".

نعم، لا زلنا نواجه تحديات قديمة مثل الفقر، وعدم المساواة، والمرض.

ونتعامل مع تحديات جديدة أيضاً من ذوبان الانهار الجليدية واحتراق الغابات إلى غرق الأطفال اللاجئين والمهاجرين الأبرياء وموتهم في البحار أو في صناديق الشاحنات.

ومع كل الفوائد التي حصلنا عليها عندما أصبح العالم أكثر قرباً، إلا أن ذلك القرب قد أصبح مؤخرا يولّد توتراً لا ثقة. قوى الخوف وخطاب الاستياء يضعفان من قيمنا المشتركة.. وفي كثير من الأحيان، يشغل التحيز والتعصب شوارعنا وشاشاتنا.

في الوقت الذي ينفتح فيه العالم على بعضه البعض، نرى القلوب تغلق.

بالرغم من اختلافاتنا، جيلكم عازم على إحداث اختلاف، العمل معاً بدلاً من نشر تغريدات لا تؤدي إلى فهم بعضنا البعض. لانكم تدركون أن الأشخاص الذين يختلفون عنكم، هم بشر مثلكم... وأن الأمل هو الذي يمكنه أن يداوي عالمنا المجروح، لا الكراهية.

كما أنكم تعلمون أن هياكل السلطة قد تغيرت، وأن الحلول المبتكرة والجديدة لن تأتي من اروقة المؤسسات الحكومية التقليدية.. وعلى نفس المنوال، هنالك أطراف جديدة تقع عليها مسؤولية لتقوم بدورها .

لذا، أنتم لا تجلسون وتنتظرون غيركم ليتولى زمام الأمور، عليكم ان تتدخلوا، وتتواصلوا، وتصنعوا وتبدعوا – بدءا من إطلاق تطبيقات لمساعدة اللاجئين .. الى استخدام الاعلام الاجتماعي لمحاربة المجاعة.. وتصميم طرق جديدة لتوفير مياه نظيفة لمن هم أكثر احتياجاً لها.

أنتم تسخرون الابتكارات التكنولوجية لخدمة التنمية البشرية – لانكم تدركون أن التقدم يُحسب فقط عندما يتم مشاركته مع الغير.

وهناك أمر آخر.

أنتم متعاونون بطبيعتكم عبر الحدود التي كانت تَقسم العالم. فبالنهاية قد كبرتم في عالم موحد، حيث خسرت الحدود معناها.

وهو الأمر الذي يعيدني لفوياجر – التي تحدق بالأرض..

الشهر الماضي، أطلق مصمم السجل الذهبي السابق حملة من أجل عمل سجل آخر.

مما جعلني أفكر بما يمكننا أن نضعه عليه، إذا قمنا بذلك.

أعتقد أننا سنضيف أغاني لبيونسه، ودي جيه خالد، و أغنية "ديسباسيتو" التي أصبحت هوسا على يوتيوب – على افتراض أن ET (الكائن الفضائي) وأصدقاءه لا يرقصون عليها الآن. كما سأصوت لوضع خطاب لميليندا أيضا!

لكن ماذا لو بمساعدة جيلكم، يمكننا أن نرسل رسالة جديدة للفضاء؟

ماذا لو كان بإمكاننا أن نقول أن على هذا الكوكب، نهتم جميعاً ببعضنا البعض.. فلا أحد جائع، ولا أحد عطش، ولا أحد يترك وحيداً ؟

ماذا لو كان بإمكاننا أن نقول أن على هذا الكوكب، يحصل كل شخص منا على التعليم... وكل شخص يحصل على فرصة لتحقيق إمكانياته.. وأن مستقبل كل واحد منا يظهر أكثر أملاً؟

ماذا لو كان بإمكاننا أن نقول أن على هذا الكوكب، كل شخص مهم.. وأن على هذا الكوكب، نختار الشجاعة والتعاطف، بدلا من الخوف والتحامل؟ أننا نختار الأمل بدلا من الكراهية؟

نحن نمتلك الموارد التي نحتاجها لإيجاد عالم أكثر عدلاً.

قد لا نقوم بصناعة سجل ذهبي آخر، لكنني أعلم أنه يمكننا تحقيق أهدافنا العالمية.

بإمكانكم أن تكونوا الجيل الذي ينقلنا من "يُمكننا" إلى "فعلنا"...

 شكرا