ترجمة مشاركة الملكة رانيا في جلسة حورية مؤتمر سيغلو المكسيك

05 أيلول 2025

باميلا سيرديرا: هذه لحظة مشوقة. لقد تحدثتِ عن التكنولوجيا وما تطرحه للجميع، رغم أن هناك بعض التهديدات. أنتِ مناصرة للتعليم، فكيف يمكننا أن نضمن ألا يسهم الذكاء الاصطناعي في توسيع الفجوة التعليمية الموجودة أصلاً في العالم؟

الملكة رانيا: علينا أن نتعامل مع الأمر بوعي وطريقة مدروسة ولا يمكن أن نتركه للصدفة. كما ذكرتِ، في الماضي كثيراً ما ساهمت التكنولوجيا في توسيع الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة، مانحة الدول التي تملك أصلاً مزايا أكثر مزيداً من التفوق.

غير ان الميزة البارزة في الذكاء الاصطناعي تكمن في سهولة تبنيه واستخدامه، على عكس التقنيات السابقة التي كانت تتطلب زمناً أطول للتعلم وتدريباً تقنياً. وعلى هذا الأساس أعتقد أن لدى الذكاء الاصطناعي القدرة الحقيقية ليكون أداة ديمقراطية فاعلة ووسيلة لتحقيق المساواة فيما يتعلق بالفرص والتقدم والتعليم وما شابه ذلك.

إذا أخذنا التعليم كمثال – وهو مجال عملتُ عليه بشكل موسع– فإن الذكاء الاصطناعي يتمتع بالقدرة على توفير تعليم عالي الجودة وأدوات وموارد متقدمة للمدارس في كل مكان، بما فيها المدارس في المناطق النائية أو المجتمعات الأقل حظاً.

يمكنه – على سبيل المثال – أن يساعد الأطفال اللاجئين الذين انقطعوا عن الدراسة، من خلال دروس تعويضية مصممة خصيصاً لهم، ويمكنهم الوصول إليها في أي وقت وأي مكان.

لكن التحدي يكمن في أن يكون متاحاً لأكبر عدد من المستخدمين. دعونا لا ننسى أن ثلث سكان العالم لا يملكون إمكانية الاتصال بالإنترنت. ويمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في توسيع الفجوة الرقمية، مما يترك الفئات الأكثر ضعفاً عالقة على الجانب الخطأ منها.

لذا، علينا أن نصمّم الذكاء الاصطناعي مع مراعاة العدالة وإمكانية تحمّل تكلفته. فعلى سبيل المثال، نتحدث عن توفير التعليم أدوات تعمل دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت أو في المناطق ذات الاتصال الضعيف بالإنترنت.

أعلم أن معظم الخبراء متحمسون جداً لإمكانات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، حيث يمكنه أن يحقق إنجازات مذهلة في تشخيص الأمراض وعلاجها.

لكن، ومرة أخرى، كل شيء يعتمد على التصميم. فيمكنه إما تحقيق تكافؤ الفرص أو مضاعفة عدم المساواة القائمة.

باميلا سيرديرا: بالنظر إلى ذلك، برأيك ما أكبر مخاطر الذكاء الاصطناعي وأيضاً أكبر الفرص التي يتيحها؟

الملكة رانيا: من الطريف أنك عندما تتحدثين إلى الخبراء أو الروّاد  في هذا المجال، فمقابل كل من يتنبأ بكارثة سببها الذكاء الاصطناعي، هناك من يقول: "لا، الأمور على ما يرام. لا داعي للقلق، كل شيء سيكون بخير." أما أنا فما أعرفه هو: المستقبل غير معروف بالنسبة لنا، لأننا نقترب من لحظة سيتفوق فيها الذكاء الاصطناعي على الإنسان العادي في كل المهام المعرفية – وهذه اللحظة تقترب بسرعة.

والأمر الآخر الذي أعلمه هو أن كل توقعاتنا حول الذكاء الاصطناعي، تجاوزها بقدراته الهائلة. فقدرة الذكاء الاصطناعي على التعلم هائلة، لذا حتى أكبر الخبراء لا يمكنهم تحديد المخاطر بدقة، غير ان ثمة ما يدعو إلى القلق.

كما ذكرتُ، فكلما حدث تحوّل جذري ما، تجعلنا طبيعتنا البشرية نشعر بشيء من الشك والقلق، لأننا نخاف من التغيير بشكل عام، إذ نشعر بالأمان مع ما هو مألوف لدينا. لكن عندما ننظر إلى جميع مراحل التحول السابقة، نجد أنها كانت في المجمل إيجابية للبشرية. ومع ذلك، كان بإمكان الإنسانية التعامل معها بشكل أفضل. مثلاً، إذا أخذنا وسائل التواصل الاجتماعي: استغرق الأمر سنوات طويلة للاعتراف حقاً بتأثيرها الكبير على الصحة النفسية للشباب، وبأنها تسببت في الانقسام والتنمر والإساءة، وغيرها. وبعد ذلك بدأنا بوضع ضوابط وقائية. وعندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، أتمنى أن نبدأ هذه العملية بصورة أسرع.

وكما قلتُ سابقاً، يؤثر الذكاء الاصطناعي على كل جوانب الحياة، لكن الحوار يهيمن عليه خبراء التكنولوجيا والسياسيون. والعاملون في مجال التكنولوجيا بطبيعة الحال لديهم تحيز مسبق، إذ يرون أن الذكاء الاصطناعي هو الحل النهائي لكل شيء، أما السياسيون فتقودهم روح المنافسة، خصوصاً بين الصين والولايات المتحدة. الأمر أشبه بالتسابق على من سيصل أولاً ويحصد الفوائد قبل غيره؟. ولهذا فإن اندفاعنا السريع للوصول لا يقابله بالضرورة الحذر اللازم الذي يتطلبه الموقف.

لذا، في نهاية المطاف، أعتقد أننا بحاجة إلى إشراك المزيد من الأشخاص في الحوار، سواء كانوا اقتصاديين أو علماء نفس أو علماء اجتماع أو فلاسفة، كلٌ من وجهة نظره، لحمايتنا من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي. لأنه، كما قلت، لا يوجد جانب من جوانب حياتنا لن يتأثر به. وفي عالم مثالي – رغم أنني أعتقد أن عالمنا يجد صعوبة كبيرة في الاتفاق على أي شيء – سيكون رائعا لو تمكنّا كمجتمع دولي أن نتحد حول مجموعة من المبادئ والإرشادات والقيم التي ستحدد كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي، ولو فقط من منظور حماية جنسنا البشري.

باميلا سيرديرا: لا يزال هناك أشخاص يشكرونChatGPT، تحسباً لاحتمال أن تحكم الروبوتات العالم.

باميلا سيرديرا: لقد تحدثتِ عن غزة، وأعتقد أننا سنحتاج إلى سنوات لإدراك حجم المآسي الهائلة التي يعاني منها الناس هناك. لقد كنتِ مصدر أمل للعديد من الأزمات الإنسانية، لكن ما الذي يجعل غزة مختلفة؟ كيف تبدو الأمور في غزة من وجهة نظرك؟

الملكة رانيا: أعتقد أننا بحاجة للنظر إلى السياق الأوسع، وهو الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي والمستمر منذ فترة طويلة جداً. هذا أطول صراع مستمر في عالمنا اليوم، وهذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية هي الاحتلال الذي يمارس على شعب أعزل على يد ما يُفترض أنه نظام ديمقراطي.

أما النقطة الثالثة فهي، أنه على مدار عقود من هذا الاحتلال، ومن خلال ممارساته في هذه الحرب المستمرة في غزة – فإن إسرائيل قد تحدّت عدة قرارات صادرة عن الأمم المتحدة، والقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، واتفاقيات حقوق الإنسان…

وإذا نظرنا حول العالم اليوم، فأين يمكن أن نجد صراعاً يُستهدف فيه الأطفال بشكل متعمد؟ ويُقتل فيه عمال الإغاثة والصحة؟ والصحفيون؟ لقد قُتل ما يقارب 280 صحفياً. لم نشهد هذا العدد من الصحفيين المستهدفين بشكل مباشر منذ الحرب العالمية الثانية. الجوعى الذين يحاولون الحصول على المساعدات يُطلق عليهم الرصاص. وحتى بحسب أرقام الجيش الإسرائيلي نفسه، فإن تقريرهم يشير إلى أن 83% من القتلى في غزة هم من المدنيين. ولتوضيح ذلك، قارن ذلك مع أوكرانيا حيث بلغت النسبة 10%، وفي أفغانستان 8% من المدنيين. إذاً، غزة في عالم اليوم، تعيش في مستوى خاص من الوحشية.

ولا يتعلق الأمر بوحشية الحرب فقط، بل أيضاً بالاستجابة العالمية لها. لقد استغرق الأمر عامين حتى بدأ العالم بطرح الأسئلة. وكأنه في كل مرة تتجاوز فيها إسرائيل خطاً أخلاقياً أو قانونياً، يتم تبرير ذلك، ويتم التماس الأعذار لها، بينما كان الفلسطينيون بالفعل هم الضحية.

والمرعب في هذه الحرب أنها من صنع الإنسان بالكامل. اليوم، أصبحت غزة غير صالحة للعيش. تم تدمير 60% من المباني. وتم استهداف كل البنى التحتية المدنية، سواء كانت لمدارس، أو مستشفيات، أو طرق، أو كنائس، أو مساجد، أو زراعة، أو كهرباء، أو مياه… لذا فهي غير قابلة للسكن، وهذا ليس أثراً جانبياً للحرب، بل جزءاً من مخططها. كان الهدف من الحرب هو تدمير غزة وجعلها غير صالحة للعيش، ليتمكنوا بعدها من القول: "حسناً، لا يمكنكم العيش هنا، عليكم الذهاب إلى مكان آخر."

حتى ما نشهده اليوم، فإن (IPC) "لجنة تصنيف مراحل الأمن الغذائي المتكامل"، وهي السلطة العالمية المعنية بالأمن الغذائي، أكدت وجود مجاعة في غزة. ففي مدينة غزة وحدها، هناك نصف مليون شخص يتضوّرون جوعاً. المساعدات الغذائية جاهزة، لكن يُمنع وصولها إلى أهل غزة. إذاً، مرة أخرى، هذه المجاعة من صنع الإنسان. ومن المحزن جداً رؤية ذلك. واحد من كل ثلاثة أشخاص لم يأكل منذ فترة طويلة. وواحد من كل خمسة أطفال يعاني من سوء تغذية حاد. والأطفال يموتون بمعدل ضعف البالغين عندما يكون هناك نقص في الغذاء، لأن احتياجاتهم الغذائية أعلى بكثير. لذا، يتم استهداف جيل كامل من الفلسطينيين – وبالنسبة لكثير منهم، فات الأوان بالفعل، لكن لا يزال بالإمكان إنقاذ بعضهم. والشيء الوحيد القادر على تحقيق ذلك هو وقف إطلاق نار دائم، وتدفق المساعدات بشكل حر وآمن وغير منقطع لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.

باميلا سيرديرا: ولماذا يبدو أن العالم لا يستمع لذلك؟ لقد شاهدنا هذه الصور...

الملكة رانيا: نعم. كما قلتُ، استغرق الأمر حوالي عامين حتى يبدأ العالم، عامان من القتل، والنزوح (نزح 2 مليون شخص من منازلهم)، من الجوع، من الدمار الشامل، حتى بدأ الناس بطرح الأسئلة الصعبة، وهذا يخبرني بشيء. السبب هو أنه عندما يتعلق الأمر بحرب غزة أو هذا الصراع، كان هناك دائماً تحيز في كيفية تأطيره، حيث تصوَّر إسرائيل كالطرف الأخلاقي الوحيد.

لذا، بالنسبة للكثيرين، إسرائيل لا يمكن أن تخطئ أبداً؛ هناك دائماً عذر لما لا يمكن تبريره. بينما يُصوَّر الفلسطينيون على أنهم إرهابيون أو أشخاص عنيفون. وكلما حاولتَ تفسير سياق هذه الحرب، والقول إنها لم تبدأ في السابع من تشرين الأول، بل هناك عقود من الاحتلال والفصل العنصري والحصار، يبتعد الناس ولا يريدون الاستماع. يصفون ذلك بأنه غير ذي صلة. وفقط عندما بات من المستحيل تجاهل المعاناة بدأ الناس يشككون في افتراضاتهم.

الغريزة التلقائية لدى الكثيرين هي الدفاع عن إسرائيل أولاً ومن ثم طرح الأسئلة أثبتت عنادها، لأنها نتاج جهد متعمد استمر لعقود لتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وتصويرهم كأشخاص لا يستحقون ذات الحقوق التي يتمتع بها الآخرون. لذا، أعتقد أنه إذا أردنا التأكد من تجنب حدوث ذلك مرة أخرى، علينا فهم أن السلام لا يمكن تحقيقه عندما تُلقي اللوم دائماً على طرف واحد والتبرير للطرف الآخر. يجب التوقف عن رؤية الفلسطينيين كمشكلة، بل كشعب يستحق نفس الحقوق. لا يتعلق الأمر باختيار طرف، بل بتطبيق نفس معايير العدالة على الطرفين.

باميلا سيرديرا: حيث... حيث... يقولون "حرروا فلسطين".

الملكة رانيا: شكراً.

باميلا سيرديرا: من أين تعتقدين يجب أن يأتي الحل؟

الملكة رانيا: ليس من المفاجئ أن تكون الأجواء الحالية غير مواتية للسلام، لأن هناك الكثير من الغضب والحزن واليأس والشك والإحباط والتشاؤم، من كل الأطراف. يعتقد 16% فقط من الإسرائيليين اليهود أن التعايش السلمي مع الفلسطينيين ممكناً. وفي الوقت نفسه، تتبع الحكومة هناك سياسة التوسع في الاحتلال، والاستيلاء على المزيد من الأراضي، وبناء المزيد من المستوطنات. ويعيش الفلسطينيون في جحيم خلال العامين الماضيين، في غزة والضفة الغربية، على أيدي الإسرائيليين. لذلك، من الصعب عليهم أن يشعروا بوجود إمكانية للسلام.

لذا، رغم أن السلام يبدو بعيداً جداً، وأعتقد أن هذه الدورات المتكررة من العنف علمت جيلاً من الفلسطينيين والإسرائيليين أن العنف هو الحل الوحيد. لكن، في نهاية المطاف، ترى أن السلام بعيد حتى تسأل: ما هو البديل؟ البديل هو ما نراه الآن، وما نعيشه حالياً. وهل هذا مستدام؟ إلى متى يمكن الاستمرار على هذا الحال؟

لذا، رغم أنه يبدو بعيداً جداً، ولا أقول إن هناك حلولاً سهلة أو سريعة؛ فلا يمكن إلغاء الظلم الذي حدث في الماضي. لكن ربما يمكننا على الأقل الاتفاق أو التوحد حول مجموعة من المبادئ التي قد تأخذنا إلى مكان أفضل. إذا اتفقنا أن القانون الدولي يجب أن يطبق بلا استثناءات. وإذا اتفقنا على أن حقوق الإنسان عالمية وغير مشروطة؛ وغير قابلة للتفاوض، حتى وإن كانت هناك دولة تملك نفوذاً أو قوة أكبر. وإذا اتفقنا على أنه لكي يسود العدل، يجب أن يكون هناك محاسبة. لا يجب أن يُقابل الخطأ بالاستثناءات، بل يجب أن يُقابل بالعواقب. وإذا اتفقنا على أن الأمن ليس مسألة كسب أو خسارة.

لعقود، يحاول الإسرائيليون ضمان سلامة شعبهم عن طريق حرمان الفلسطينيين من الحق نفسه. عدم أمان أي طرف لا يصب في مصلحة الطرف الآخر، بل يُغذي بشكل أساسي دائرة الانتقام والقمع. وفقط السلام هو القادر على كسر هذه الحلقة.

في نهاية المطاف، إذا أدركنا أنه لتحقيق السلام في منطقتنا نحتاج إلى دولة للفلسطينيين، وأمن لإسرائيل، واستقرار لمنطقتنا، فذلك أمر يمكننا جميعاً أن نتوحد من أجله.

وأعتقد أن الحزن الذي كنا نراه، والظروف المستحيلة في منطقتنا اليوم، نحن نعلم أن هذا لا يمكن أن يستمر.

باميلا سيرديرا: ألفتِ كتاباً للأطفال مبنياً على فكرة أشخاص من أصول مختلفة يعيشون معاً. في هذا العالم شديد الاستقطاب الذي نعيش فيه، كيف يمكن لهذه الفكرة أن تساعدنا؟

الملكة رانيا: الأمر طريف، لقد كتبت هذا الكتاب قبل 15 عاماً، لكنني لا أزال أتلقى أسئلة عنه كثيراً، وهذا يدل على شيء: أنه رغم أن عالمنا يتغير بطرق كثيرة ومختلفة إلا أن القصص التي تمس تجاربنا كبشر تبقى ذات صلة عبر الأجيال، لأن الأشياء قد تتغير، لكن طبيعتنا البشرية تبقى كما هي.

يتناول هذا الكتاب فكرة انه كلما قابلنا شخصاً مختلفاً عنا، يكون رد فعلنا هو الخوف منه أو التعامل معه بشك. لذا، تدور القصة حول فتاتين في مدرسة من خلفيتين وجنسيتين مختلفتين، وفي البداية لم تكونا واثقتين من بعضهما، لكنهما وجدتا نقطة مشتركة في الطعام عندما تبادلتا شطائرهما - شطيرة زبدة الفول السوداني وشطيرة الحمص. ثم أدركتا، إنهما تحبان ذلك، وأصبحتا صديقتين. فالفكرة هنا هي أن حياتنا تصبح أكثر ثراء عندما نحتضن التنوع، لأنه يعطينا فهماً أعمق ومنظوراً أوسع، نحن نعرف هذا غريزياً، ولكن هناك دراسات تدعم ذلك. مثلاً، في عالم الأعمال، أظهرت الدراسات أن الشركات التي توظف أشخاصاً من جنسيات وأعراق وأعمار مختلفة تتفوق على نظرائها.

ولكنني أعتقد أن الطبيعة البشرية أحياناً تجعل من السهل رفض ما لا نعرفه بدلاً من محاولة فهمه. لكن لا يمكن اختزال أيٍّ منا في جانب واحد فقط. نحن معقدون جداً. يتم فقدان شيء أساسي جداً عندما تختزل شخصاً ما في وجهة نظره السياسية أو دينه أو لون بشرته. ففي نهاية المطاف، من الأفضل بكثير أن تحاول فهم ذلك الشخص وتتعلم عنه أكثر بدلاً من رفضه.

باميلا سيرديرا: وما زالت فكرة القوميين في السياسة تجد طريقها للعودة إلى العالم بطريقة طريفة نوعاً ما. كيف أثرت هذه الأفكار علينا جميعاً؟

الملكة رانيا: من المفارقة أن ما يُعرف بالشعبوية والقومية كان تقريباً بمثابة رد فعل على العولمة والاندماج. عندما انفتح عالمنا أكثر بسبب التكنولوجيا والسفر، بدأنا نتفاعل مع المزيد من الأشخاص المختلفين عنا. وزاد التواصل معهم. وكما قلت سابقاً، من الأسهل رفض شيء مختلف أو الخوف منه بدلاً من محاولة احتضانه. وبالنسبة لكثير من السياسيين الخوف هو أداة السلطة الأرخص والأسهل، حيث يمكن التلاعب بمخاوف الناس، وتأكيدها، وتصور نفسهم وكأنهم مع الشعب ضد العدو المشترك.

لذلك فهي أقصر الطرق إلى الشعبوية. الانقسامات في عالمنا اليوم أصبحت أعمق بكثير من مجرد شرق وغرب، شمال وجنوب، أو يمين ويسار، أو ديني وعلماني، أو مؤيد ومعارض. مجتمعاتنا تنقسم إلى شرائح أصغر وأصغر، كل منها عالق في غرفة الصدى الخاصة بها، معتقداً أنه على حق وبقية العالم لا يفهم. لكن عندما تفكر في الأمر في النهاية، كلنا نريد نفس الأشياء إلى حد ما، والجميع يريد الأمان. يريدون أن يكونوا قادرين على سد احتياجات أحبائهم، يريدون الرعاية الصحية، يريدون بيئة آمنة للعيش فيها. قد نختلف في كيفية الوصول، في الوسائل، لكننا لا نختلف في الهدف النهائي. لذا أعتقد أننا لسنا منقسمين كما نظن.

بدلاً من استنزاف طاقتنا في صراعاتنا مع بعضنا، علينا أن نركز هذه الطاقة على مواجهة مشكلاتنا المشتركة. لكن هذا يتطلب انفتاحاً، ورغبة للتحدث مع بعضنا البعض، الحوار، التعاطف، وروح التسوية. هذا ما نحتاجه الآن إلى حد ما. وإلا، كل ما سنحصل عليه هو حواجز بين الناس وتفاقم المشاكل. ويمكنك أن ترى، على سبيل المثال، كيف يمكن للخوف أن يجعل الناس يختارون أشياء ضارة بهم فعلياً. فمثلاً، العديد من دول أوروبا، لديها سكان مسنون، وللحفاظ على إنتاجيتها، يحتاجون إلى دخول عمالة جديدة. ولكن بسبب الخوف من المهاجرين، هم مستعدون لإلحاق الضرر باقتصاداتهم بدلاً من السماح لهؤلاء العمال بالدخول. هنا يمكن للخوف أن يولد الشعبوية لبعض السياسيين، لكن النتيجة أنهم يضرّون أنفسهم قبل غيرهم.

باميلا سيرديرا: قد نعتقد أن الدين هو أحد المواضيع التي تفرق بيننا. ومع أنكِ تحدثتِ كثيراً عن أهمية الحوار بين الأديان، فماذا يعني لكِ إيمانكِ؟

الملكة رانيا: إيماني مهم جداً بالنسبة لي. فهو ليس مجرد مجموعة من الممارسات والقواعد، بل هو أسلوب حياة. إنه يرشدنا إلى الطريق في هذا العالم. الإسلام نفسه، معناه ان نسلم أمرنا بتواضع مطلق لله. الإسلام يُعلمنا أن الناس جميعاً متساوون أمام الله، وأن ما يميزنا هو أفعالنا والخيارات التي نتخذها. وفي الإسلام، لا يُنظر للتواضع على أنه ضعف، بل على العكس تماماً. التواضع يتطلب قوة كبيرة، قوة للاعتراف بالضعف، والاعتراف بأنك لا تسيطر على كل شيء. نحن نصلي خمس مرات في اليوم، وفي كل مرة نصلي ننحني مما يجعل حجمنا أصغر، ويعيد إلينا شعورنا بالحجم الحقيقي. يذكرنا بأن هناك كوناً واسعاً خارجنا، ولسنا مركزه. يذكرنا بأننا جميعاً نرتكب الأخطاء، ولكننا جميعاً نستحق المغفرة.

وأتذكر انه كان يُنظر إلى الإسلام بدرجة عالية من الشك في العالم. وأعتقد تحديداً بعد هجمات 11 أيلول، تصاعدت ظاهرة الإسلاموفوبيا بشكل كبير، وكان يُنظر إلى المسلمين دائماً من خلال عدسة الصور النمطية – بأنهم عنيفون، أو إرهابيون، وما إلى ذلك. ولكن الإسلام كما أعرفه دائماً دين سلام، وكان يؤلمني بشدة أن أراه يُشوَّه ويُفترى عليه بهذه الطريقة، خاصة عندما تفكر أن ربع سكان العالم تقريباً هم من المسلمين. فلم يكن من المنطقي بالنسبة لي أن يُحكم على مليارَي إنسان بناءً على أفعال قلة متطرفة. ولهذا، كوني مسلمة ولدي منصة شعرت أن من واجبي الدفاع عن ديني، وتذكير الناس بأن عدد المسلمين الذين قُتلوا على يد المتطرفين يفوق عدد غير المسلمين بكثير.

وفي نهاية المطاف، أؤمن حقاً أن الديانات السماوية الثلاث جاءت من نفس المصدر. نحن نؤمن بذات المبادئ، ونختلف في التفاصيل، لكن بالتأكيد لدينا قواسم مشتركة أكثر بكثير مما نعتقد.

باميلا سيرديرا: هل تعتقدين أن النساء في المكسيك والشرق الأوسط يواجهن ذات التحديات؟

الملكة رانيا: في عام 2020، توقّع المنتدى الاقتصادي العالمي أن تحقيق المساواة بين الجنسين على مستوى العالم سيستغرق 99 عاماً. وهذا العام تم تعديل الرقم ليصبح 123 عاماً، مما يعني أننا نسير في الاتجاه الخاطئ.

ولكن مع ذلك، أنا معجبة جداً بالتقدم الذي أحرزته النساء هنا في المكسيك، وخصوصاً في مجال السياسة. والأمر لا يقتصر فقط على انتخاب أول رئيسة للبلاد، بل أيضاً في تحقيق تمثيل متكافئ بين النساء والرجال في السلطة التشريعية. وهذا لا يُعد شهادة على كفاءة السياسيات فحسب، بل أيضاً على وعي الناخبين المكسيكيين الذين اختاروهن.

لذلك، أعتقد أنه عندما يتعلق الأمر بالنساء، فالتحديات متشابهة جداً في جميع أنحاء العالم: القيود المجتمعية، والعنف القائم على النوع، وفرص التوظيف المحدودة، وحتى عند الحصول على وظيفة، تقل فرص الوصول إلى المناصب القيادية.

وأعتقد أن هذا ينطبق على النساء العربيات تماماً كما ينطبق على النساء في بقية أنحاء العالم. ولكن، أعتقد أن النساء العربيات غالباً ما يُساء الحكم عليهن ويُستهان بهن. كثيراً ما يتم تصويرهن كأنهن بلا صوت أو عاجزات، لكن هذه الصورة النمطية لا تنطبق على العديد من النساء الأردنيات اللواتي أتعامل معهن يومياً والعربيات بشكل عام.

بطبيعة الحال، العالم العربي متنوع، وهناك العديد من الدول، لذا تختلف تجارب النساء. ولكن في المجمل، أراهن فعلاً يتخطين الحواجز في جميع المجالات — سواء في المنزل، أو في مكان العمل، أو في مجتمعاتهن المحلية، أو في السياسة.

وبالطبع، لا يزال هناك الكثير للقيام به. فهناك حاجة إلى تطوير ممارساتنا وعدد من السلوكيات المتعارف عليها. لكنني أعتقد أن هذا يجب أن يحدث وفقاً لاحتياجاتنا نحن، وبشروطنا نحن.

لا تطمح كل امرأة إلى النموذج الغربي لما يعنيه ان تكون امرأة عصرية، أعتقد أن هناك أكثر من طريقة لتكون المرأة مُمَكنة وتحقق حياة ذات معنى.

كما قلت في خطابي، لسنا مضطرين للامتثال لمعايير أو تعريفات النجاح التي يضعها الآخرون. فيمكن لكل واحدة منا أن تُعرّف النجاح بطريقتها الخاصة، بناءً على ظروفها، وبيئتها، وقيمها، وما يتماشى معها.

وأرى النساء أصبحن أكثر استقلالية بهذه الطريقة، كما أرى الدول تكتسب هذا النوع من الثقة، وتضع تعريفاتها الخاصة.

باميلا سيرديرا: ما أصعب درس تعلمته كملكة؟

الملكة رانيا: أولاً وقبل كل شيء، أعتقد أن الدرس الأول هو أن الحياة بشكل عام، سواء كنتِ ملكة أو مهندسة أو مبرمجة أو مهندسة معمارية تعلمك دروساً متشابهة. بالطبع تختلف التفاصيل، لكن السيناريو العام متشابه جداً.

على سبيل المثال، عندما أنظر في هذه القاعة، أرى الكثير من الشباب الأذكياء واللامعين، وأنا متأكدة أن لديكم جميعاً خططاً واضحة وأفكاراً محددة حول ما تريدون تحقيقه وكيف تحققون النجاح. شيء تعلمته هو أن هناك أكثر من طريقة واحدة لتحقيق النجاح.

كثيراً ما نتوقف معتقدين أن هذه هي الطريقة الوحيدة للوصول إلى الهدف. أحياناً تُعرض علينا خيارات ونشعر أننا بحاجة لتحديد الخيار الصحيح والخيار الخاطئ. لكن في كثير من الأحيان، لا يوجد خيار صحيح أو خطأ، بل هناك خيار عليك اتخاذه، والأهم هو كيف تختار التركيز على إنجاح هذا الخيار.

هل ستركز على الإمكانيات وعلى المجالات التي يمكنك تحقيق ذلك فيها أم ستبقى عالقاً وتفكر في السلبيات فقط؟ أعتقد أن الأمر السيء جداً هو ألا تتخذ قراراً، ان تكون متردداً. هذا أمر عليكم تجنبه.

شيء آخر عليكم تجنبه هو الإهمال. كلما أهملتم شيئاً في حياتكم، ستدفعون ثمنه. إذا أهملتم صحتكم، ستمرضون. إذا أهملتم علاقاتكم، ستفقدون أصدقائكم. إذا أهملتم عملكم، فلن تحققوا النجاح. لذلك، تجنبوا الإهمال.

لكن في نهاية المطاف، مجرد التمسك بعقل منفتح وفهم أن موقفك هو الذي يصنع الفارق. الحظ قد يأتي، وربما يكون مهماً في بعض الأحيان، قد يأتي أحياناً، لكن مواقفك ونظرتك معك دائماً، وهما ما يحددان ما ستحصل عليه في الحياة.

والطموح ووضع الخطط أمر جيد لأنه يدفعك للأمام. لذا من الجيد أن تسعى وراء ما تحب، ولكن من المهم أيضاً أن تحب ما تملك. فالأول هو الطموح، والثاني هو الامتنان، وتحتاج إلى توازن صحي بينهما لتشعر بالرضا.

هذا شيء تعلمته واستغرق وقتاً لأتعلمه، وأتمنى أن تتعلموه بسرعة أكبر مني.

باميلا سيرديرا: من فضلك حدثينا قليلاً عن بلدك الأردن. ما أول شيء يتبادر إلى ذهنك عندما تفكرين في الأردن؟

الملكة رانيا: يقولون إن الوطن هو حيث ما يكون القلب. وبالنسبة لي، الأردن هو وطني وقلبي. أحب كل شبر فيه، وفخورة جداً لانتمائي إليه.

عندما أتحدث إلى الناس الذين يزورون الأردن، يتحدثون دائماً عن المواقع السياحية، التاريخ، الطقس، الطعام، وكل تلك التجارب، لكن في الحقيقة أكثر ما يتحدثون عنه هو الناس. كرم الضيافة الأردني له سمعة أسطورية، لأنه صادق جداً وجزء أصيل من ثقافتنا. نعم، الناس يأتون لزيارة البحر الميت أو البتراء، لكن أعتقد أن الأردنيين هم من يجعلون كل زيارة مميزة جداً.

وبالنسبة لنا، تعرضنا لاختبارات كثيرة؛ حروب على حدودنا، وصول اللاجئين على عتبة أبوابنا، والتوترات الإقليمية... وكل مرة، الأردنيون هم من تمكنوا من الحفاظ على الاستقرار ومنع الفوضى. أعتقد أن صفات النزاهة والكرم والوقوف مع الحق وروح الجماعة هي التي أبقتنا متماسكين حقاً.

من السهل الآن أن تجد في العالم تجارب متشابهة؛ المدن أحياناً تبدو متشابهة، والمرافق التي تراها متشابهة، لكن أعتقد أن الناس يبحثون أكثر فأكثر عن تجربة أصيلة حين يسافرون، وعادةً ما تأتي هذه التجربة من صفات الناس في ذلك البلد. لذلك، آمل أنه إذا جئتم يوماً إلى الأردن، أن أسمع رأيكم عن الشعب الأردني، لأنهم فعلاً فريدون جداً.

باميلا سيرديرا: سيكون من دواعي سرورنا.

باميلا سيرديرا: قلت مؤخراً إن الشباب يجب أن يجرؤوا على طرح الأسئلة الصعبة. الناس يجب أن يجرؤوا على طرح الأسئلة الصعبة. ما هي أصعب الأسئلة التي تعتقد أن البشرية يجب أن تطرحها على نفسها الآن؟

الملكة رانيا: أظن أن العامين الماضيين كشفا لنا الكثير. ولهذا السبب ذكرتُ غزة، لأنه بالإضافة إلى وحشية الصراع نفسه، بتنا نشكك في القيم العالمية. أنا كنت دائماً مؤمنة بحقوق الإنسان والقانون الدولي، وكنت أعتقد أن هذه القوانين تطبق بشكل متساوٍ على الجميع. وما صدم الكثيرين في منطقتي وحول العالم هو ازدواجية المعايير التي نراها، حيث لا تُطبق هذه القوانين والقيم بطريقة عادلة. فما يحدث ينتهك الكثير من القوانين، ومع ذلك فإن الاستجابة العالمية ليست كما يجب أن تكون. الحرب ما زالت مستمرة حتى اليوم. هناك مجاعة وإبادة جماعية تحدث، ولا أحد يتخذ خطوات ملموسة وحقيقية لوقفها. لو كان الأمر في بلد آخر، هل تعتقدين أن الوضع سيكون نفسه؟ لماذا هذا؟

لذلك أعتقد أننا بحاجة لطرح هذه الأسئلة الصعبة. هل تُطبق معايير مختلفة على دول مختلفة؟ ولماذا؟ لماذا يُسمح لبعض الدول بالإفلات من بعض الأمور؟ إذا نظرت إلى رد الفعل على الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة، ترى أن العالم الغربي يتضامن بوضوح مع الشعب الأوكراني، وهذا حقهم. فلماذا لا يفعلون نفس الشيء في حالة الاحتلال وقتل الناس؟ كما قلت، نسبة المدنيين الذين قُتلوا في الحرب هي 83% مقابل 10% في أوكرانيا. فلماذا هناك رد فعل مختلف؟

هذه هي الأسئلة الصعبة التي يجب على البشرية أن تطرحها، والسبب في حديثي عن الذكاء الاصطناعي هو أن الذكاء الاصطناعي من صنعنا نحن. سواء سيكون قوة للخير أو للضرر يعتمد على المدخلات التي نضعها في الذكاء الاصطناعي، المحتوى الذي نغذيه به. فهل نُعلم الذكاء الاصطناعي القيم الجيدة أم السيئة؟

باميلا سيرديرا: نأمل أن تكون جيدة، نعم.

باميلا سيرديرا: نحن على وشك الانتهاء من هذه الجلسة، لذا أود أن أطرح أخر سؤال شخصي: لقد احتفلتِ مؤخراً بمرور 25 عاماً كملكة، ولديك حفيدتان جميلتان. كيف تغيرت نظرتكِ إلى العالم على مر السنين؟

الملكة رانيا: نعم، على الصعيد الشخصي، الأمر يشبه ما ذكرته سابقاً. لقد أدركت أن الأشياء التي تجعلني سعيدة هي في الواقع الأشياء البسيطة، وليست الأمور الكبيرة. وغالباً، نحن من نفرض التعقيدات في حياتنا. نحن من نُعقّد الأمور. في الحقيقة، الأشياء الصغيرة هي ما يهم.

نحن من يعقّد السعادة، لكنها بسيطة. هناك طريقان للسعادة: الأول هو الامتنان، أن تشعر بالتقدير للأشياء الصغيرة. ليست بالضرورة أشياء "صغيرة"، لكنها أشياء نعتبرها مفروغ منها: عائلتك، يوم جديد، أشياء صغيرة من حولنا، لكننا نختار أحياناً ألا نراها. والطريق الثاني هو خدمة الآخرين، ويمكن لكل واحد منا أن يخدم الآخرين. وعندما أقول "خدمة الآخرين"، أعني فقط أن تجعل يوم شخص ما أفضل قليلاً، وستُفاجأ بكم السعادة التي ستشعر بها.

كنت أعتقد سابقاً أن السعادة تعني أن أكون منتجة، ولكي أكون منتجة يجب أن يكون جدولي مليئاً. أما الآن، فوجهة نظري تغيرت تماماً. أنا أستمتع باللحظات البطيئة. لا شيء أفضل من وقتي معهم، لدي حفيدتان، وأنا ببساطة أحب قضاء الوقت معهما. دائماً أقول ان الجلوس معهما يجلب الراحة النفسية. من الرائع حقاً التواجد معهما.

باميلا سيرديرا: لو كان بإمكاننا العودة بالزمن إلى الوراء، وكان بإمكانك التحدث إلى نفسك في عمر 18 أو 19 عاماً، ما النصيحة التي كنتِ ستوجهينها لنفسك؟

الملكة رانيا: كنت سأقول: توقفي عن الشك في نفسك، وتقبّلي بعض العيوب، لأننا جميعاً لدينا عيوب، ولا تكوني قاسية على نفسك. حاولي أن تصبحي صديقة لنفسك في وقت مبكر. نحن غالباً لا نبدأ في التصالح مع أنفسنا إلا في الأربعينات أو الخمسينات، ولكن من المؤسف أن نمضي سنوات ونحن قساة على أنفسنا وننتقد أنفسنا طوال الوقت.
خاطبي نفسك كما تخاطبين صديقتك. هل كنتِ ستقولين لصديقتك: "لا أعتقد أن لديك ما يكفي من الكفاءة لتقومي بهذا الأمر"؟ بالتأكيد لا. فلماذا تقولين ذلك لنفسك؟ لذلك، كنت سأقول فقط: ضعي معايير عالية لنفسك، لكن كوني متسامحة مع نفسك أيضاً.

باميلا سيرديرا: جلالتك، لقد كان من دواعي سرورنا استضافتك هنا. نحن ممتنون جداً لذلك. شكراً جزيلاً. مدهش.

الملكة رانيا: شكراً لكم.