ترجمة كلمة الملكة رانيا في قمة مجلة فورين بوليسي الافتراضية حول المناخ

28 نيسان 2022

يشرفني أن أكون جزءاً من هذه القمة الهامة. شكراً لمجلة فورين بوليسي على الاستضافة، وشكراً لكم جمعياً على انضمامكم اليوم.

في وقت سابق من هذا الشهر، شارك علماء من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الامريكية بعض الاخبار المقلقة. للعام الثاني على التوالي، يسجل غاز الميثان مستويات قياسية من الارتفاع في الغلاف الجوي.

ويعتقد الخبراء أن أحد أسباب الارتفاع يعود لزيادة كميات الأمطار على المناطق الاستوائية الرطبة.

ويتخوفون من أنها قد تمثل بداية لحلقة تغذية مرتدة (للمناخ) خارجة عن قدرة البشرية للسيطرة عليها.

وهذه الحلقات هي عمليات يمكن أن تضخم أو تقلل من أثر العوامل المناخية.

وكما نعلم هناك الكثير منها في نظامنا المناخي.

لكن هناك حلقات تغذية مرتدة أخرى (للمناخ) جديرة باهتمامنا – والتي أعتقد أنها إما ستنقذ مستقبلنا المناخي أو ستدمره.

حلقات ليست كيمائية أو فيزيائية. بل هي حلقات في عقولنا وقلوبنا. حلقات التغذية المرتدة هذه بشرية.

في وقت سابق خلال هذا الشهر، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أحدث تقاريرها حول حالة كوكبنا.

لخص الأمين العام للأمم المتحدة الأمر قائلاً: نحن على مسار سريع نحو كارثة مناخية.

ويبدو أن هذه الرسالة لا تزعج الأشخاص الذين يمكنهم فعل الكثير لتغييرها، وهو ما يثير الغضب.

ولكن هنالك على الأقل مجموعة واحدة تصغي باهتمام.

أولادنا.

من الأردن للبرازيل.. ومن نيجيريا للولايات المتحدة.. الشباب حول العالم يشعرون بالقلق.

في استطلاع عالمي شمل 10 الاف يافع وشاب، قال ثلاثة من كل أربعة أن المستقبل يخيفهم. حوالي 40% منهم مترددون في إنجاب أطفال. ويعتقد أكثر من النصف ان الأشياء القيّمة بالنسبة لهم ستُدمر. وأكثر من النصف أيضاً اتفقوا على عبارة: "محكوم على البشرية بالهلاك".

هذا يشعرني بالحزن، لأن اليأس يمكن أن يشعل حلقة تغذية مرتدة لا يمكن ايقافها أيضاً.

إذا آمن الناس أنه ليس هناك ما يمكن فعله، فمن السهل ببساطة عدم فعل أي شيء. العجز يزيد مشاكلنا سوءاً.. وذلك يقود ليأس أكبر.

ولكن الخبر المفرح هو أننا لم نصل هناك بعد. ففي الاستطلاع العالمي للشباب ذاته، وفي  الوقت الذي قال فيه أقل من الثلث إنهم يشعرون بالتفاؤل، قال عدد حتى أقل من ذلك أنهم يشعرون باللامبالاة.

هم يبالون، لا يعرفون ما يحمله المستقبل، لكنهم مهتمون.

لذلك، ما زال امامنا متسع للأمل الذي وصفته الكاتبة ريبيكا سولنيت حين قالت: الأمل الموجود في فضاء عدم اليقين، حيث المجال للتحرك الذي يؤدي للتغيير.

وكما وصفته سولنيت، الأمل هو الايمان بأن ما نفعله مهم. وأعتقد أن مثل هذه المؤتمرات يمكن أن تسخر أملنا لتحقيق التقدم.

معاً، يمكننا أن نعلن بقوة أن اليأس ليس قدرنا.

معاً، يمكننا تغيير نطاقنا من "هلاك" إلى "فرصة".

لأننا قرأنا تقارير، ورأينا ابتكارات رائدة بأعيننا، ونعلم أن هناك نقاط تحول إيجابية في متناول أيدينا.

بفضل براعة العلماء والتقنيين والرياديين وراسمي السياسات..

.. انخفض سعر ألواح الطاقة الشمسية عشر اضعاف خلال عشر سنوات فقط.

وانهارت أسعار البطاريات الكهربائية.

وفي العديد من الدول، الطريق لشبكة الطاقة النظيفة أصبح واضحاً.

بهذه الطرق وأكثر، تجاوز التقدم الذي حققناه توقعات الخبراء. ويومياً، تظهر حلول جديدة.. حلول ملهمة.

أنا عضو في مجلس جائزة ايرث شوت التي أطلقها الأمير ويليام عام 2020، والتي هدفها تحديد هذه الحلول والاحتفال بها، لنتمكن من توسيع نطاق تطبيقها بشكل أسرع.

وأحد الفائزين بالجائزة هذا العام شاب اسمه غاتور هالبيرن.

أحب غاتور المحيط في سن مبكرة، واختار دراسة علوم البيئة، لكن مع وصوله مرحلة التخرج قال إنه شعر وكأنه يكتب نعيا لهذه النظم البيئية، بدلا من مساعدتها على الازدهار.

لم يتقبل ذلك. لذلك، طور هو وصديقه طريقة لزراعة مرجان مقاوم للمناخ.. سرعة نموه أكبر بخمسين مرة من سرعة نموه في البرية. يمكن لجهودهما ان تساعد في احياء الشعاب المرجانية في جزر الباهاما وحول العالم.

طاقة غاتور معدية، وكما يقول: نبقى ملتزمين بهذا العمل لأن الفشل ليس خياراً.

وهذه المعنوية تحقق ذاتها. فعندما نصمم على النجاح، حينها يبدأ الابداع الذي يغير قواعد اللعبة.

ترى هذه المعنوية في كل شخص من المرشحين النهائيين والفائزين بجائزة ايرث شوت.

على سبيل المثال، طورت شركة ناشئة في الهند تدعى Takachar جهازاً يتم تثبيته على الجرار الزراعي.. والذي يلتقط المخلفات الزراعية، ويحولها الى وقود حيوي يمكن للمزارعين بيعه وتحقيق الربح.

أو على سبيل المثال ميلان، في إيطاليا، حيث طورت المدينة استراتيجية لخفض هدر الاكل بمقدار النصف بحلول عام 2030.

وأعلم أنكم ستسمعون من رئيس كوستا ريكا التي ضاعفت مساحة غاباتها خلال عقود قليلة فقط، من خلال برنامج ورؤية تدفع للمواطنين لاستعادة بيئتهم الطبيعية المحلية.

يعلم الأشخاص الذين حققوا هذه الإنجازات أنه بالمقارنة بحجم المشكلة، قد تكون جهودهم صغيرة.

لكن ذلك لم يمنعهم، لأنهم – مثلكم - يرون أنفسهم كجزء من مشروع جيل.

هم دليل حي على المنطق الذي قرأته مؤخراً للكاتبة سارة جاكويت راي: اذا كانت المشكلة كبيرة جداً ونحن صغار جداً.. علينا أن نصغر المشكلة ونجعل انفسنا اكبر.

من خلال إحداث اختلاف بأي طريقة ممكنة، فإنهم يهدفون لإلهام الآخرين على العمل – أن يكونوا الشرارة التي تشعل العمل الجماعي، وتقود التحول.

بهذه الطريقة، يخلق مثلهم من قادة المناخ حلقة تغذية مرتدة يمكن الاحتفال بها وتكريمها.

حلقة تعمل على التفاؤل، الشعور بالقدرة.. والايمان بأننا معا يمكننا تحسين الأمور، ولذلك علينا المحاولة.

آمل أن تشعروا جميعاً بالانجراف اليوم بقوة دفع حلقة التغذية المرتدة تلك. وآمل أن تساعدوا في نشرها، بأصواتكم وعملكم.. من أجل أطفالنا.. ومن أجلنا جميعاً.

شكراً.