كلمة الملكة رانيا في فعالية نحن المستقبل 2017

21 أيلول 2017

ترجمة

اليوم، نجمع البيانات عن كل شيء تقريباً.

نعرف أنك تلمس هاتفك المتنقل بمتوسط 2617 مرة في اليوم.

نعرف كم أسرة في لندن تمتلك كلباً – 312 الف ... كم نملة في مدينة نيويورك – 16,7 مليار.. كم وحيد قرن جاوي تبقى على الأرض – 62.

حتى أننا نعرف أي دولة هي صاحبة أعلى نسبة بحث على محرك غوغل لمسلسل (صراع العروش)، هل يمكنكم التكهن؟ كانت .. تركيا.

لكن عندما يتعلق الأمر بالنساء والفتيات في الدول النامية، بالعادة لا نعرف شيئاً تقريباً.

الملايين من النساء لسن حتى مشمولات في تعداد الأسر. حرفياً لسن في الحسبان.

وهذه مشكلة. لأن قرارات السياسات الجيدة تعتمد على البيانات الجيدة.

كيف يمكننا تسريع التنمية المستدامة اذا غفلنا عن نصف البشرية؟

تمثل أهداف التنمية المستدامة المُثل العليا.. لكنها لا شيء بدون بيانات حقيقية.

بدون بيانات حقيقية عن النساء والفتيات، نحن نعمل دون أن نرى.

نحن نعرف على سبيل المثال أن النزاعات تفرض عبئاً خاصاً على النساء.

التقيت بالعديد من اللاجئين الذين شاركوني معاناتهم وألمهم.

نساء مثل وفاء، تحاول يائسة إطعام ابنها حديث الولادة..

وياسمين، التي تلتمس:"أريد أن يذهب أطفالي إلى المدرسة فقط"...

وسهام، التي فقدت زوجها ومنزلها، قالت: يبدو وكأن العالم لا يرانا.

إذا أردنا أن نحقق احتياجات تلك النساء، علينا أن نفهم واقع حياتهن.

مع ذلك، لدينا بيانات نوعية متخصصة لأقل من نصف النازحين.

انه عصر اللوغاريتمية لكن عندما يأتي الأمر للتنمية، نصف الخارطة في الظل.

وهذه الثغرات في الفهم أصبحت فجوات سوداء تمنع النساء من التقدم، ليس النساء في مناطق النزاعات فقط، بل النساء والفتيات في العالم.

ماذا يحدث للفتيات اللواتي يحلمن بالحصول على تعليم، لكن يُجبرن على الزواج المبكر... هن بعيدات عن الأنظار .. تتقلص آفاقهن في ذات اللحظات التي تتوسع فيها آفاق الأولاد؟

ماذا يحدث للنساء اللواتي يردن أن يبنين أعمالاً، لكن لا يمكنهن الحصول على قرض، لأن المؤسسات المالية لا تمتلك بيانات كافية لتقدير أهمية الزبائن الإناث؟

ماذا يحدث عندما تفشل احصائيات العمل الحكومية في التقاط مساهمات المرأة الاقتصادية الحقيقية – الساعات الطويلة التي تخصصها النساء كل يوم للطبخ والتنظيف والاهتمام بالآخرين.. أو تدعيم دخل الاسرة من خلال عمل بالقطعة أو مشروع صغير؟

عندما نسمح أن يطغى لون الانحياز حول أدوار المرأة على نوعية البيانات التي نجمعها... فإننا نعزز تلك التحيزات.. نصور النساء وكأنهن أقل قدرة وإنتاجية وأكثر عجزاً عما هن عليه.    

الأخبار الجيدة هي أن هناك حركة جديدة تدفع لجمع بيانات نوعية متكاملة أكثر.

ممن لهم دور قيادي في هذه الحركة: Data2X وهي مبادرة متميزة للمساواة في البيانات، والتي تعمل مع حكومات ومؤسسات الأمم المتحدة وخبراء في الاحصاءات والمجتمع المدني لسد فجوات البيانات حول النوع.

تقود Data2X البحث الذي يستفيد من مصادر البيانات الكبيرة لإضاءة جوانب حياة النساء اللواتي بغير ذلك يبقين خارج الاحصاءات الرسمية.

عندما تكون الصورة مكتملة أمامنا، يمكننا تركيز استثمارنا بصورة أفضل من أجل الحصول على نتائج.

في عام 2000، على سبيل المثال، كان معدل اتمام التعليم الأساسي حوالي 80%...

لكن لامكانية تصنيف هذه المعلومة حسب النوع الجندري، نرى أن المعدل للفتيات كان أقل عن الذكور: 76% مقارنة بـ82%.

مع هذه المعلومة، يمكن لجهود إدماج الأطفال بالمدارس أن تضبط لتناسب احتياجات محددة...

وهكذا بحلول عام 2015، ارتفعت النسبة لـ90% - للأولاد والفتيات على حد سواء.

هذا هو التقدم الذي نريد أن نراه في كل مكان.

هو حد جديد جريء.. وآمل من علماء بيانات أكثر أن يرسموا تضاريس خارطته.

كما أدعو الصحفيين والمواطنين في كل مكان أن يساعدوا في مساءلة أصحاب القرار.

اذا كنا نحن المستقبل، دعونا نُصر على مستقبل تقدر فيه قيمة كل واحد.

دعونا ننضم في قول ان المساواة النوعية ممكنة فقط مع المساواة في البيانات، أننا نحتاج إلى بيانات غير متحيزة من أجل وضع أفضل السياسات الممكنة.

ودعونا ننضم في القول لوفاء وياسمين وسهام والنساء والفتيات في كل مكان:

لستن غير مرئيات. لستن مجرد رقم في جداول. أنتن في الحسبان.

شكراً.