ترجمة حديث الملكة رانيا في قمة كونكورديا

20 أيلول 2022

 

نرحب على المسرح بالرئيس والمدير التنفيذي لمركز "ويلسون" الأمريكي السفير مارك غرين، وجلالة الملكة رانيا العبدالله من الأردن.

مارك غرين: سعيدين برؤيتك.

الملكة رانيا: من الرائع رؤيتكم.

مارك غرين: أهلاً بك مرة أخرى في كونكورديا.

الملكة رانيا: شكراً.

مارك غرين: يسعدنا كونك معنا مرة أخرى في كونكورديا. لقد كان أسبوعاً تاريخياً. وقد كنتِ بين الحضور عندما كرمنا ملكة، خدمت لفترة طويلة في المملكة المتحدة، وهي تذكير بمعنى القيادة المستقرة حول العالم. نأتي هنا، ونتذكر كل القضايا التي يجب أن نتعامل معها. وأنت رائدة في محاولة رفع مستوى القيادة الجديدة، بالأخص القيادة الشابة. لذلك، مع كل التحديات التي نراها، وبالأخذ بعين الاعتبار كل ما يذكرنا بحال القيادة في الفترة الأخيرة، كيف نرتقي بالجيل الجديد لمواجهة هذه التحديات؟

الملكة رانيا: حسنا، عندما ننظر إلى العالم اليوم، أعتقد أن التاريخ يميل الى التقدم بشكل مستمر مع بعض الاضطرابات هنا وهناك، مما يجعلنا نتكيف ونتأقلم. لكن بين الحين والآخر، تتلاقى ظروف معاً تتسبب بصدمة كبيرة في العالم. وخضات عنيفة تعيد تعريف مستقبلنا وتتطلب منا التغيير وتغيير عقلياتنا وطريقة تفكيرنا. وأعتقد، أننا عند ذلك المنعطف من تاريخنا. أعتقد أنه التأثير التراكمي للتكنولوجيا، وتغير المناخ والهجرات الجماعية، والاوبئة، التي وضعتنا في مكان مضطرب جداً. وفي مثل هذا الوقت، أعتقد أن أهم سمات القيادة هي المرونة والقدرة على التكيف. لأنك إذا تمكنت من التكيف، وعندما تكون مرناً لا تنكسر - نجد طرقاً جديدة للتقدم. وأعتقد أن الفارق الزمني بين حدوث الاضطراب وتعامل القائد معه بفعالية، هو عامل حاسم ومهم لنجاح القيادة. لذلك ستجد بعض القادة الذين يقاومون التغيير، سيحاولون فرض واقع جديد في قوالب قديمة، وهذا لن ينجح. والأسوأ، أنك ستجد قادة سيحاولون تجنب التعامل مع الاضطراب من خلال تحويل الانتباه إلى شيء آخر. فيثيرون مخاوف الناس وغضبهم وكرههم، ويجعلهم ذلك نوعاً ما ينطوون على أنفسهم ليتحدوا ضد عالم خطير. لكن في نهاية اليوم، الواقع هو الواقع.

لذلك أعتقد أن الجميع في هذه القاعة، أقنعنا أنفسنا بحقيقة أن الظروف الجوية القاسية والهجرات الجماعية والجوائح هي ملامح لعالمنا لن تتغير في أي وقت قريب. والشيء الجامع بين هذه التحديات، هي أنها منتشرة ومشتركة بيننا جميعا. ولا يمكن لأحد القول أنه محصن أو غير متأثر. وتتطلب مثل تلك التحديات عالية المخاطر تنسيقاً وعملاً تعاونياً عالي المستوى. وعندما تنظر الى عالمنا اليوم، فنحن بعيدون عن هذا المسار، وبدلاً من إيجاد قنوات تعاون جديدة، كما تعلم نبني الأسوار. وانت ترى التجارة العالمية تتراجع، وترى القومية وسياسات الحماية تعود. ونسمع بعض الأصوات التي تحاول الدفع عكس هذا الاتجاه. لذا سترى خطابات سياسية مثيرة وغيرها، لكن التحرك بدون تحقيق تقدم لن يوصلنا إلى أي مكان. لذلك اعتقد أن الامر يتعلق بمحاولة إعادة تعريف القيادة. نحن بحاجة إلى استقطاب عقول شابة – لكن الامر لا يتعلق فقط بالعقول الشابة، انه يتعلق بالعقول المستعدة.

مارك غرين: عقول منفتحة

الملكة رانيا: منفتحة ومستعدة لإعادة التفكير بكل شيء. وكما قلت، علينا تبني توجهات جديدة تماماً. وتعريف القيادة نفسه يحتاج الى تعديل. لذلك أعتقد أحياناً أننا نتوقع من قادتنا أن يكونوا نجوما، وسياسيين بارعين في الظهور الاعلامي أو مدراء تنفيذيين من المشاهير، لذلك تصبح الأولوية لبناء علامة تجارية على حساب بناء تقدم حقيقي. ويصبح التركيز على الانتصارات قصيرة الأمد وتجاهل الكلف طويلة الأمد. وأزمة تغير المناخ هي مثال بارز، لعقود كانت الأوساط العلمية تحذرنا من آثاره، وتَطلب الأمر أن نواجه تبعات قاسية لنأخذه على محمل الجد. لذلك أعتقد أننا نحتاج إلى قادة لا يرون الانتخابات القادمة كنهاية الطريق، بل أن الجيل القادم هو الأهم.

مارك غرين: لقد حددت بعض القضايا التي من الواضح أنها تسيطر على الكثير من المحادثات هنا خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وكما أشرتِ، لن تختفي. لذا التغيرات المناخية والنزوح والتي يعرفها بلدك أكثر من معظم الدول في العالم. ستبقى معنا بعد 5 سنوات من الان، وبعد 10 سنوات من الان. لذلك كيف نحافظ على استدامة القيادة؟ ليس أن نحصل على القيادة للانتخابات القادمة، لكن كيف نحافظ على ذلك، بالأخذ بعين الاعتبار ان هذه التحديات عابرة للأجيال؟

الملكة رانيا: يتعلق الامر بفهم طبيعة هذه التحديات. ويعيش عالمنا اختلالاً في التوازن، وسيبقى الامر كما هو لبعض الوقت. والخطوط القديمة التي تفصل بين اليسار واليمين، بين الاشتراكية والرأسمالية- تمهد الطريق لخطوط فاصلة جديدة، على غرار العولمة مقابل القومية، الحماية مقابل التشاركية، التمسك بالقديم أو تبني الجديد. وكنتيجة لذلك، نرى نوعا من إعادة التنظيم في الجغرافيا السياسية. تتشكل تكتلات جديدة، تكتلات اقتصادية، وتحالفات جديدة، لاستبعاد الآخرين. وذلك يجعل من الصعب الوصول الى اجماع في العالم، ويأتي في وقت من التاريخ، للعمل التشاركي أهمية كبيرة. لأنه كما أظهرت الجائحة، نحن مترابطون جداً. لذلك لا أحد يقول ان عليك تبني العولمة كأيدولوجية. لكن عليك إدراك أن أمامنا مشهد سياسي واقتصادي مندمج بشكل متزايد، وهي حقيقة لا يمكننا الهروب منها. ومثل هذه الحقيقة تتطلب كما قلت تشارك المعلومات وبناء الاجماع والحوار التشاركي. لذلك أعتقد أن الامر المعقد هو اننا لم نكن بحاجة أكثر للتعاون -

مارك غرين: اسمحوا لي ان اطرح متغيراً اخر

الملكة رانيا: تفضل

مارك غرين: انها ليست قيادة توصل المعلومات المضللة الى الناس وغيرها من اللاعبين. وليس الامر قول الحقيقة ببساطة، يجب مواجهة الأكاذيب والمعلومات المضللة.

الملكة رانيا: بالطبع

مارك غرين: دور ذلك؟ كيف نتعامل مع ذلك؟ كيف نتغلب على ذلك؟

الملكة رانيا: لطالما كان الصدق عملة القيادة، لكنه هذه الأيام أكثر أهمية في عصر المعلومات المضللة والاضطراب الدائم، حيث أصبح الشك وعدم الثقة رد الفعل التلقائي. كل واحد منا، يومياً، يقصف بسيل من الأخبار والمعلومات، والتغيير يحدث بوتيرة مذهلة. لذلك في وسط ضبابية الاضطرابات، أعتقد أننا جميعاً أصبحنا معرضين لمشهد إعلامي يُكافئ الغضب على حساب الصدق، لذلك أشعر أن المعلومات المضللة تشكل أكبر تهديد لعالمنا اليوم. سأخاطر وأقول أنها أكثر خطورة من تغير المناخ والجوائح والحروب وأي شيء آخر – لأن المعلومات الدقيقة والصحيحة هي شرط مسبق للتعامل مع كل هذه التحديات. ولذلك، كيف يمكن التعامل معها في الوقت الذي تعتمد فيه كل مجموعة على جملة مختلفة تماماً من الحقائق والتي تكون متناقضة أحياناً؟

إنه التلاعب في إدراكنا وتصورنا للعالم هو الذي يحدث لنا باستمرار سواء كنا مدركين لذلك أو لا. مثل حرب متواصلة، حرب مستمرة على الحقيقة والبيانات والعلم والتفكير العقلاني والتحكيم السليم... وذلك خطير جداً. الغرض من المعلومات الكاذبة ليس التضليل فقط، بل تشويش تفكيرنا وأفعالنا لخدمة الأجندة السياسية الخاصة بشخص آخر، والذي يعني أنه يجب أن نكون انتقائيين ومتحفظين ويقظين كثيراً إزاء المعلومات التي نقرر تصديقها. وهذا يعني أن علينا بذل جهد إضافي للتحقق من المعلومة بصدق. اليوم في الولايات المتحدة إذا غيرت القناة بين "سي ان ان" و"فوكس"، سيصعب تصديق انك تعيش في البلد نفسه. كما تعلم لا يمكن تصديق أنهم ينقلون الخبر عن القضية ذاتها، لانهما مختلفتان تماما. وأعتقد أن ذلك خطير ويؤدي الى الاستقطاب الذي أراه في هذا البلد وهو امر مقلق. الاختلاف مع شخص، يختلف كثيراً عن رفض شخص. يمكنك الاختلاف مع أحد باحترام، لكن برفضه فأنت تبعده تماماً. فانت لا تعترف به حتى وهذا هو تحدي للجميع، بغض النظر عن أي آراء يمثلها، محاولة رؤية الجانب الاخر وليس فقط اصدار حكم شامل عليهم أو القاء القاب – وكنت قد ذكرت زيارتي الى لندن، ويمكنني ان اخبرك بأنني خلال وجودي هناك ليومين شعرت بذلك وتأثرت به. لأننا نعيش في أوقات صعبة. لكن ما شعرت به هناك هو أنه بسبب إحساسهم بالخسارة الكبيرة، وضعوا جميع اختلافاتهم جانباً وتوحدوا. وكان مطمئنا جداً. رؤية ذلك الشعور من الوحدة والانتماء – الذي يمكن أن يحقق، وبكل صدق، هو ليس خيار حتى بالنسبة لنا، لان الوباء اظهر كم نحن مترابطون في عالم يمكن لفيروس أن ينتشر في أنحائه خلال أيام ويقلب نظام الحياة لسنوات قادمة. نرى كيف الحرب في أوكرانيا تتسبب في مجاعة في دول أخرى في العالم... لذلك العزلة ليست خياراً، والعمل الجماعي ضرورة سواء أحببنا شخص أو لا. أعتقد أن التحدي امام القادة اليوم ليس فقط العمل مع أشخاص يتفقون معهم ويحبونهم ويتشاركون معهم نفس القيم والمبادئ لكن كيف تعمل مع شخص لا تتفق معه؟

مارك غرين: الخلاف البناء

الملكة رانيا: لان الأجيال القادمة تعتمد على تلك القدرة للوصول الى الاخر الذي لا تحبه او لا تتفق معه والتركيز على نهاية الطريق في التحديات التي أمامنا وكيف سنتعامل معها... فتغير المناخ لن يصلح نفسه، صحيح؟ والمناخ لا يعرف الحدود الوطنية، كل دولة يجب ان تشارك في الحوار، واذا لم نتعامل معه، نحن نرى الان تبعات عدم التعامل معه. 

مارك غرين: هل تضاف الثقة الى ذلك؟ لأنني اشير غالبا الى انه خلال وجودي في الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID في مكافحة الايبولا، على سبيل المثال حتى بعد ان حصلنا على مطعوم وتدخل، لم يتغير الامر كثيرا لماذا؟ لم تكن هناك ثقة لدى الناس بالرسائل العامة حول التقدم للحصول على المطعوم. لذا يجب ان تكون هناك قيادة يؤمن بها الناس وحتى ان اختلفوا معها سيكونون على علم أنها قيادة مهتمة على الأقل.

الملكة رانيا: بالطبع، هذا يتطلب الكثير من التواصل الصادق والواضح والمستمر ومحاولة نشر الحقائق وسط الضجيج. ليس الامر سهلا في مشهد اعلامي كما قلت يضخم الأكاذيب البسيطة على حساب الحقائق المعقدة. لكن القائد الجيد يصارح الناس بالحقيقة، حتى إن لم تكن جميلة أو شعبية. وذلك تحدي آخر وهو أن هناك الكثير من الشعبوية الان، وأصبح من السهل أن تقول ما تعتقد أنه سيجلب لك الأصوات حتى لو كان ذلك على حساب الناس الذين يصوتون لك. لذلك تحتاج قيادة تركز على المبادئ وليس على السياسة فقط، على القيم الحقيقية وليس الشعبية، ويجب أن تكون مستمرة وليست على أساس الأزمة. لان الامر يستغرق وقتا طويلا لبناء رأسمال من الثقة. وستحتاج رأس المال هذا وتحتاج الى الاستفادة منه في الأوقات الصعبة عندما تكون مضطراً لاتخاذ قرارات صعبة. يجب أن يكون الناس على ثقة بأنك تدعمهم.

مارك غرين: من احد أسباب اعجابي بعملك وعمل جلالة الملك كثيراً انه في مجال النزوح والتي نعمل معا عليها، الاستعداد لإخبار الناس ما قد لا يرغبون في سماعه. فإعلام الناس في الأردن ان اللاجئين والمهاجرين قدموا، ولن يعودوا لديارهم.

الملكة رانيا: نعم

مارك غرين: والاستعداد لإخبار الناس ما قد لا يريدون سماعه، هو الطريقة لبناء الثقة، بحيث يحترم الناس على الأقل حقيقة أنك على استعداد لإخبارهم الحقيقة غير السارة

الملكة رانيا: نعم، كما قلت هو امر يأخذ وقتا ويجب عليك ان تقول الحقيقة غير السارة واعتقد ان من أحد المخاطر في عالمنا اليوم هو ان الخط الفاصل بين الحقيقة والرأي غير واضح. لذلك نتعامل مع الواقع والحقائق بحرية، واعتقد ان علينا إعادة رسم ذلك الخط حيث تكون الحقيقة موضوعية والرأي غير موضوعي. فعلى سبيل المثال، عندما يتعلق الامر باللاجئين، نعم كان علينا الإشارة الى انهم هنا. وما يثير الاهتمام أن دراسة قبل ثلاثة أشهر في الأردن أظهرت أنه على رغم أننا نواجه ارتفاع في معدل البطالة، ومن الواضح اننا تأثرنا بارتفاع تكاليف المعيشة وأسعار الغذاء والوقود، واكتظاظ العيادات والمدارس، إلا أن 96% من الأردنيين ما زالوا متعاطفين مع اللاجئين، وهذا يخبرني أن الناس طيبون بطبيعتهم ويريدون فعل الشيء الصحيح، إذا لم يخبرهم أحد أن يخافوا من الآخر. أعتقد أن تطبيع سياسة الخوف طريق خطير للغاية لأن السياسة التي تعتمد على الخوف خطأ. من السهل جدا تشويه صورة الشخص الآخر.

مارك غرين: بدلا من إيجاد إجابة

الملكة رانيا: بدلا من العمل الجاد لإيجاد حلول بناءة وتبني اجندة متفائلة. لكن عندما يتعلق الامر باللاجئين، اعتقد ان من أحد التحديات التي تواجه الدول المستضيفة عندما يحدث نزاع وهناك تدفق للاجئين، يجذب ذلك الاهتمام العالمي. فيسرع الناس لتقديم المساعدات من طعام ومأوى ودواء وهذا مهم جداً، لكن المشاركة والاهتمام المستدام الذي يقدم على المدى الطويل هو ما يحدد مسار حياة اللاجئ لأنهم هناك ليبقوا. لذلك ينبغي أن يحدث هذا التحول، إذ لا يمكن أن تشارك فيه ومن ثم تختفي. يحتاج الى جهد متواصل، وذلك مرة أخرى يتطلب تمويل أكثر لا أقل، وخطط الاستجابة للاجئين في جميع انحاء العالم تعاني من نقص حاد في التمويل. ففي الأردن تم تمويل 10% فقط من تكاليف استضافة اللاجئين للعام الماضي. لذلك اعتقد ان على العالم ان ينخرط أكثر بأزمة اللجوء على المدى الطويل. ارقام إعادة التوطين غير كافية، بحيث تريد العديد من الدول الغنية ان تأخذ اعدادا قليلة فقط من اللاجئين. قضية اللاجئين بأكملها تحتاج الى إعادة تفكير شاملة.

مارك غرين: السنا نجازف أيضا؟ اعتقد ان شعوب العالم متعاطفة، اعتقد ان الأمريكيين متعاطفين، لكننا انجذبنا للازمة الأخيرة، وبالتالي التعاطف الاستثنائي والدعم للأوكرانيين، ما عاناه الاوكرانيين غير اعتيادي. هذا لا يقلل من أهمية ما تعرض له اللاجئين في اي مكان اخر. شئنا أم أبينا الحقيقة هي أن علينا تقديم المزيد.

الملكة رانيا: بالطبع، كما ان النزوح الجماعي سيكون نمطا سنويا. فبحسب البنك الدولي، بحلول عام 2050 سيتسبب تغير المناخ وحده في نزوح أكثر من 200 مليون شخص. ولذلك الأمر يعود لنا، لنقرر شكل العالم الذي نريد. هل نريد عالماً غير منظم ومضطرب مع لجوء عشوائي للناس؟ أم هل نريد نظام هجرة جماعية منظم وعادل؟ الخيار لنا. هو امر اخر يحتاج عمل جماعي ويتطلب ان يدرك الناس أنها مسؤولية عالمية. هي التزام لا خيار لنا ان كنا نريد التعامل معه او لا لأننا جميعا سنتأثر به. وكما أسلفت، لم يكن هناك وقت سابقا احتجنا فيه الى المزيد من التعاون مثل الآن، ولم يكن هناك وقت سابقا كان التعاون فيه أقل من الآن. وأعتقد ان ذلك معضلة عالمنا. في التحديات التي نواجهها اليوم هناك الكثير من التفاوت وعدم اليقين. أعتقد ان الجائحة اثارت السخط في كل مكان من العالم وأبرزت مدى عدم المساواة في عالمنا لذلك ازدادت الخطوط الفاصلة بين الدول الغنية والفقيرة، وفي داخل الدول ترى زيادة في عدم المساواة على أساس العرق او النوع الاجتماعي او الدخل، ما يشكل مرحلة خطيرة ان لم نغير طريقة عملنا.

مارك غرين: ينفذ الوقت بسرعة، لكن اريد ان اشير الى انه قبل أعوام كان لي الشرف في رؤية بعض المدارس التي تدعمينها والتي تقدم نوع من التدريب على المهارات للشباب من الأردنيين وغيرهم، اين ترين الامل في هؤلاء الشباب الذي يحصلون على تلك المهارات والأدوات وما الذي يمكنهم فعله؟

الملكة رانيا: ذلك هو السبب في تركيزي الأساسي على التعليم، لأنني اعتقد ان الطريقة الوحيدة لتغيير مسارنا. واعتقد اليوم ان كمية التغيير التي باستطاعتك ان تحدثها غير مسبوقة لان لديك الأدوات لذلك. ليس عليك انتظار الحكومة للتغيير. ليس عليك انتظار بناء مدارس جديدة او غير ذلك. لديك التكنولوجيا ولديك موارد موجودة على الانترنت. وان كان لديك إمكانية الاتصال والأجهزة والبنية التحتية الأساسية فقط، يمكن ان تحدث تغييراً كبيراً واعتقد ان هنا تبدأ القيادة الحقيقية.

مارك غرين: جلالة الملكة، امامنا أسبوع نكرم فيه القيادة طويلة المدى التي توفر الاستقرار والان لدينا حوارك والذي يظهر فصلا جديدا من القيادة تهانينا وشكرا على العمل الرائع الذي تقومين به.

الملكة رانيا: إنه لمن دواعي سروري. شكراً جزيلاً.