ليس هناك طريق سهل نحو الحرية

سي ان ان

20 أيلول 2017

ترجمة

نهاية هذا الأسبوع، أمسكت كتاب نيلسون مانديلا "رحلتي الطويلة من أجل الحرية"، وأعدت قراءة أجزاء من هذا الكتاب الذي يستحق القراءة مراراً وتكرراً. أخر مرة قرأته فيها، كان العالم مختلفاً تماماً. وهذه المرة وجدت صدى جديد لمواضيع تناولها الكتاب مثل عدم المساواة الاجتماعية والظلم والمقدرة على التكيف والشجاعة.

ربما بسبب عملي مع لجنة الانقاذ الدولية، وجدت نفسي أنظر لرحلة طويلة أخرى من أجل الحرية – مثل رحلة شيرين- امرأة قوية ترملتْ قبل أن تبلغ العشرين عاماً، حامل وخائفة من العيش تحت أحكام "داعش".

في تشرين الثاني هربت شيرين من الموصل بالعراق، عبرت الصحراء سيراً على الاقدام، نجت من موجات القتال والألغام الأرضية المهجورة – كل ذلك خلال بحثها عن ملاذ لتلد.

اليوم، شيرين بأمان، وجدت هي وابنها -ايهاب- ملاذاً مؤقتاً في مخيم للجنة الإنقاذ الدولية على الحدود السورية-العراقية، لكن رحلتها لم تنته بعد.

كم كان "ماديبا" على حق حين قال: "ليس هناك طريق سهل نحو الحرية..."

في عام 2015، قُدر أن اللاجئين والمهاجرين قطعوا أكثر من ملياري ميل لإيجاد الملاذ الآمن بحسب بيانات من مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات). ويواصل العديد منهم السير في ذلك الطريق الطويل إلى يومنا هذا، من سخرية القدر أن يموت العديد من الأبرياء أثناء رحلة الوصول الى "الحرية". وبالنظر الى انه كل 20 دقيقة، يُجبر شخص على الهروب من منزله في مكان ما من العالم، سينضم المزيد من الهاربين لتلك الرحلة الفظيعة.

في عام 2016 وحده، 65,6 مليون أم وأب وطفل نازح أُجبروا على ترك كل ما هو غالٍ بالنسبة لهم، وانضموا للرحلة الأطول والأكثر خطراً بحياتهم بحثاً عن الملاذ الآمن.

لنتوقع ماذا سيكون رأي "ماديبا" بذلك؟

مدركين المأساة الانسانية. في مثل هذا الوقت من العام الماضي، اجتمع قادة من أكثر دول العالم ثراء لتوقيع إعلان نيويورك بشأن اللاجئين والمهاجرين. والذي تعهد بزيادة مقدارها 30% في التمويل الانساني ومضاعفة أماكن استضافة اللاجئين في الدول الغنية. وعدوا بتقديم مساعدة طارئة ودعم للحلفاء والشركاء الاستراتيجيين - كالأردن. في المقابل، وافقت الدول المستضيفة للاجئين على اجراء تغييرات في السياسات لتقديم فرص أكبر للحصول على وظائف وتعليم للاجئين.

بعد اثني عشر شهراً، وفي الوقت الذي حققت فيه الدول المستضيفة تقدماً في التزاماتها، لم تلتزم الدول الغنية بتعهداتها.

الدول منخفضة ومتوسطة الدخل والتي تكافح من أجل توفير احتياجات سكانها، تتحمل حصة غير متكافئة من عدد اللاجئين. حوالي 90 % من لاجئي العالم، يستضافون في الدول ذات الدخل المتدني والمتوسط. دول مثل الاردن، حيث واحد من كل 5 سكان هو لاجئ، تقوم بأفضل ما عندها لدعم هؤلاء الذين يبحثون عن الأمن والأمان. خلال السنوات الست الماضية، تجاوزت كلفة استضافة 1,3 مليون لاجئ سوري 2 مليار دولار أمريكي سنوياً، وهذا يعتبر اكثر من خُمس عائدات ميزانية الحكومة السنوية لدينا.

وتعاني مدارسنا وانظمتنا الصحية، ويعمل معلمونا ضمن دوام على فترتين لاستيعاب اكثر من 130 الف طالب لاجئ. وتم اصدار حوالي 55 الف تصريح عمل، كما تعاني البنية التحتية والخدمات الاجتماعية والاقتصاد لدينا من الضغوطات الكبيرة. ومع ذلك، الاردن وغيره من الدول يستمر في القيام بما هو صحيح.

لا يمكن قول الامر ذاته عن الدول الغنية.

في عام 2016، قدمت الدول الغنية 63% من الـ 4,54 مليار دولار أمريكي المطلوبة لخطة الاستجابة الاقليمية لازمة اللاجئين السوريين، وهذا العام، تم تمويل 45,1% فقط من تلك الخطة.

والأسوأ من ذلك، لم تلتزم الدول الغنية بتعهداتها لاستضافة اللاجئين. والاستضافة هي خيار متوفر فقط للاجئين الاكثر تأثراً، أولئك الذين حددت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين ان لا امل لهم في العودة لمنازلهم، ولا يمكن رعايتهم وتأمينهم من قبل الدول المستضيفة مثل الامهات الارامل، والناجين من التعذيب، والاطفال الايتام، وضحايا الاغتصاب، ومن يحتاجون رعاية صحية متخصصة.

العام الماضي، حددت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين أكثر من 1,1 مليون لاجئ بحاجة للاستضافة من ما مجموعه 22,5 مليون لاجئ. ودعت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين لاستضافة 10% من اللاجئين السوريين. حتى الان، استضافت الدول الغنية أقل من 3%. وهذا العام، بعيداً عن مضاعفة الفرص لإستضافة اللاجئين، من المتوقع ان تتراجع ارقام استضافة اللاجئين الكلية بحوالي 60%. هذا تحدي لاكثر الناس حاجة في العالم وللشركاء، مثل الاردنيون الذين فتحوا منازلهم وقلوبهم لاننا نرى انسانيتنا المشتركة في جيراننا.

لذلك، عندما يجتمع القادة مجدداً في نيويورك هذا الشهر، أدعوهم للقيام بما هو صحيح. لا تديروا ظهوركم. ضعوا أنفسكم مكان اللاجئين وسيروا خطوات قليلة في طريقهم الطويلة من اليأس الى الكرامة وقابلوهم فيها. لان القدوم الى الجمعية العامة للامم المتحدة ليس مقياساً للنجاح، بل انجاز في العمل. مقياس النجاح للقادة الحقيقيين هو مدى التزامهم بالوعود التي تؤثر في حياة الأكثر بؤسا والأقل أملا بيننا.

واذا فشلوا، يجدر بهم اعادة قراءة كلمات أحد أعظم القادة الاعتباريين في زماننا والذي يذكرنا بقيمنا وانسانيتنا المشتركة التي تربطنا كعائلة:

"تعاطفنا الانساني يربطنا ببعضنا البعض- ليس بالشفقة أو بالتسامح، لكن كبشر تعلموا كيف يمكن تحويل المعاناة المشتركة إلى أمل بالمستقبل".

المصدر