الملكة رانيا تشارك بجلسة في ذكرى مرور 60 عاماً على تأسيس الأونروا وتبرز عواقب عدم تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الأونروا

24 أيلول 2009

نيويورك - "اللاجئ حياته مستقطعة ... مجتزئة .. ساعات تُهدر على نقاط التفتيش ... أيام عمل تضيع ... ودخل قد يأتي يوماً – وينقطع أياماً .. قلق دائم: هل ستأكل عائلتهم؟ هل سيكفيهم الطعام؟ دعاء مستمر لطَرد معونة .. تريد أن يذهب أبناؤك إلى المدرسة ... ويقعدك الخطر الذي قد يواجههم .. محبَط أنت للنقص في المعلمين والكتب المدرسية .. تنتظر الشاحنات لأن طفلك بحاجة لحفاظات .. وأبناؤك بحاجة لغطاء يقيهم برد الليل .. تنتحب لرؤية جدك يعاني من شدة الألم، السرطان يلتهم جسده. معاناته يمكن أن تنتهي، لو حصل فقط على إذن سفر للوصول إلى المستشفى. نعم، الواقع بالنسبة لللاجئين الفلسطينيين مؤلم وبطيء".

بهذه الكلمات عبرت جلالة الملكة رانيا العبدالله عن واقع حال اللاجئين خلال مشاركتها كضيف شرف في جلسة خاصة في ذكرى مرور 60 عاماً على تأسيس منظمة الأمم المتحدة لرعاية وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ، حيث شاركت جلالتها في إزاحة الستار عن لوحة الاحتفال بالذكرى السنوية للأونروا والواجهة الخارجية لمبنى الجمعية العامة للامم المتحدة والتي تحمل شعار "السلام يبدأ هنا".

وفي كلمتها قالت جلالتها "تمنيت لو لم أشهد هذا اليوم. تمنيت لو لم يكن هناك داعٍ للأونروا ... ألا تكون هناك ذكرى سنوية ... وتمنيت لو لم يكن هناك 4,6 مليون لاجىء فلسطيني بحاجة للمساعدات الإنسانية. ولكن، أنتم، وأنا، نعلم أن الواقع لا يُبنى على التمني".

وتحدثت جلالتها عما قدمته الأونروا منذ تأسيسها قبل 60 عاماً قائلة "لستين عاماً، خففت الأونروا من ذلك الألم. ليس بتقديم المأوى فقط، بل ... الملاذ. ليس الطعام فقط، بل ... التغذية. ليس الرعاية الصحية فقط، بل ... التعاطف. وليس فقط الاحتياجات العاجلة، ولكن الأدوات للتمكين طويل الأمد: وعلى رأسها، التعليم".

وأضافت "استثمرت الأونروا الملايين لضمان التحاق الأطفال بمدارس نوعية، ببناء صفوف جديدة، بتدريب المعلمين، وإثراء المناهج. لكن المدارس في فلسطين ليست للتعليم فقط. فالمدارس تقدم خدمة نفسية أساسية للأطفال الذين حطمت الصدمات المتعاقبة، ومشاهد الموت والصراع، طفولتهم. بالنسبة لهم، المدرسة تصبح الروتين الذي يحتاجونه ... كلمة مشجعة من معلم، مساحة لتوسيع المدارك، وقت للهو واللعب. الأونروا تذكر الشعب الفلسطيني بأنهم ليسوا وحدهم؛ بأنه وفي أشد الساعات عتمة، تقف وكالة مساعدة دولية إلى جانبهم".

وقدمت جلالتها الشكر للعاملين في الأونروا "لذلك أود أن أعبّر عن امتناني العميق لجميع العاملين في الأونروا الذين لا يعرفون الكلل، أشخاص تحملوا وما زالوا يتحملون الصعوبات والخطر الهائل، ويعرضون حياتهم للخطر لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين كل يوم. وأود، على وجه الخصوص، أن أذّكر بأولئك الذين فقدوا حياتهم وهم يساعدون الآخرين ببسالة. شكراً. لن ننساكم".

وقالت جلالتها "نتذكر الموتى ... في الوقت الذي نسى فيه الكثيرون الأحياء. غزة: أكثر من 3,500 منزل لم يُعد بناؤها بعد ... 53,000 منزل تهدم ... 4,000 ملجأ يتهاوى ... عدد لا يحصى من المصانع دُمرت ... البنى التحتية مشروخة ... حوالي 300 مدرسة وروضة أطفال مُعطَلة ... المياه والكهرباء متقطعة ... شخص بين كل اثنين بلا وظيفة ... 7 من بين 10 أشخاص يعيشون تحت خط الفقر ... الصادرات الزراعية شبه متوقفة ... 1,5 مليون شخص محاصرون ... أطفال ينتظرون أطرافاً اصطناعية ... ورضعٌ دون أجهزة تنفس لحاضناتهم ..."

وعبرت جلالتها عن حزنها لعدم الالتزام بالتعهدات التي قدمها العالم قائلة "في كانون الثاني، سجلت رسالة ليوتيوب عن الأونروا، تصف الوضع في غزة بأنه "جهنم على الأرض". لم أتخيل أبداً، أن الوضع سيظل، بعد ثمانية أشهر، وتعهدات بحوالي 4,7 مليار دولار: جهنماً على الأرض. ولكنها الحقيقة المخزية. لم يصل غزة فلس واحد من المليارات التي تم التعهد بها. حظر دخول مواد البناء يعني أن إعادة الإعمار لم يبدأ حتى اللحظة".

وأضافت "اليوم، في العالم العربي، نحتفل بعيد الفطر ... وقت للاحتفال، تلتقي به العائلات على مائدة الطعام ويقدم الآباء والأمهات الهدايا لأبنائهم. اليوم ... في غزة، ليس هناك مدعاة للإحتفال. لا يوجد مال للحم أو هدايا. واليوم أيضاً، تتأرجح الوكالة- التي تمثل حبل نجاة لللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان- مرة أخرى على حافة الانهيار".

وهنا تحدثت جلالتها عن مسؤولية المجتمع الدولي لتقديم المساعدة للأونروا وعواقب عدم تحمل تلك المسؤوليات قائلة "اذا تركنا الأونروا تنهار، سيرزح تحت أنقاضها، الأصغر والأضعف. اذا تركنا الأونروا تنهار، نجازف بتأجيج الإحباط ... فقدان التركيز على مباحثات السلام ... ونعرض المنطقة للمزيد من عدم الاستقرار. هي مخاطرة كبيرة، لأننا جميعاً نعتمد على الأونروا".

وفي ختام كلمتها توجهت جلالتها للعالم قائلة "للمجتمع الدولي، للعالم العربي، أقول: نحتاج مساعدتكم أكثر من أي وقت مضى! لـ4,6 مليون شخص، الأونروا ليست اختياراً أو خياراً؛ ليست نزوة أو رفاهية. الأونروا هي أداة للبقاء؛ هي جزء من الحياة. تذكروا الأحياء. ساعدوا أونروا".

وتأتي هذه الجلسة ضمن سلسلة من النشاطات التي تقام لإحياء الذكرى لتأسيس الأونروا، والقى خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والمفوض العام للأونروا كارين ابو زيد كلمات تحدثوا فيها عن جهود الأونروا لمساعدة اللاجئين.