الملكة رانيا تشارك في منتدى جدة الاقتصادي

25 شباط 2007

جدة - ركزت جلالة الملكة رانيا العبدالله على أساسيات التعامل الإنساني المبني على قيم التقبل والاحترام والسلام بعد أن استعرضت واقع المجتمع العالمي اليوم، والذي يقوم على الانقسام وتعظيم الخلافات ودعت الجميع من الغرب والشرق للقيام بمسؤولياتهم لتفعيل الحوار والتواصل والعمل الملموس تجاه غد أفضل للأجيال.

جاء ذلك خلال خطاب جلالتها أمام المشاركين في منتدى جدة الاقتصادي الذي بدأ أعماله اليوم في المملكة العربية السعودية بمشاركة عالمية واسعة لرؤساء وزارات وخبراء ورجال أعمال وكبار مسؤولين في قطاعات العمل العام والخاص وكبرى الشركات الدولية.

وفي استذكار رمزي لحكاية الأجيال في غرس اليوم لثمار الغد قالت جلالتها "إن التزامنا بالعمل في سبيل الأجيال القادمة، خيط يربط كل البشرية، ونجده في مختلف الثقافات بتجسيدها قصة "غرسوا فأكلنا، ونغرس فتأكلون".

وأضافت "للبشرية أن تفخر أننا اليوم، وفي كل أنحاء العالم، نزرع البذور للتقدم التقني بابتكارات متنوعة من المطاعيم الجديدة، إلى الثورة الرقمية"، مقدمة جلالتها أمثلة على انجازات العمل الحالي في الشرق الأوسط من الانتخابات إلى الإصلاح التعليمي إلى المساواة بين الجنسين.

وقالت "إن انتخاب المرأة في مجلس غرفة تجارة جدة قبل عامين يعتبر انجازا جديدا ومهماً يضاف إلى انجازات المرأة السعودية، مؤكدة أن هذه هي المرأة العربية التي نفتخر بها والتي لا يعرفها الكثيرون في الغرب".

ورغم تلك الانجازات التي يحققها العالم تستدرك جلالتها الواقع لتعبر عن شعورها بوجود نقص جوهري وتقول أننا في يومنا هذا أصبحنا أكثر تكنوقراطية نتكلم عن الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وعن الحلول التقنية والمخاوف الأمنية.

وقالت "رغم أن ذلك ضروري إذا أردنا التقدم لكن ماذا عن لغة الضمير وحديث القلب... قيم التقبل والمحبة والاحترام والسلام؟ المبادئ الإنسانية الشافية التي ربما تبدو لنا اليوم على أنها شكلية ومعادة… أمور تخطيناها. ولكنها ليست كذلك ... علينا العودة إلى الأساسيات لأن هنالك حاجة ماسة للشفاء العالمي."

وأكدت جلالتها على أن حقول الغد ليست ممهدة كما يجب، لأن تربة اليوم ملوثة بالشك، والعنف، والخوف. موضحة أن استطلاعات الرأي بين الحين والآخر تصور واقعاً مريراً... لصورة المسلم المرتبطة في مخيلة الغرب بالعنف والتطرف والدافع للخوف، وبصورة الغرب المرتبطة عند المسلمين بالعنف والعجرفة والدافع للشك.

وأشارت جلالتها إلى أن الحضارة العربية كانت في العصر الذهبي للإسلام منفتحة على حكمة الآخرين حيث رحب أجدادنا بالأفكار القادمة من أراض غريبة، وضمّوها إلى تجاربهم ودفعوا حدود المعرفة إلى مدى أبعد وأبعد.

وطالبت جلالتها إلى تحول كل الاهتمامات والآمال إلى إحساس جماعي بضرورة العمل. لان التغيير يحتاج إلى من يمتلكون الشجاعة الكافية ولمن يعرفون أن الاستثمار الجيد يأخذ وقتاً، ولمن يمتلكون البصيرة والدافع مبينة أن للمسؤولين الرسميين دور مهم ليلعبوه، لكنهم لن يقدروا على القيام بالمهمة وحدهم... إنهم بحاجة إلى طاقة، وإبداع والتزام أناس مثلكم.

واختتمت جلالتها خطابها بالقول "معاً... نستطيع أن نبدأ بزراعة البذور لبستان غني ووفير، وواحة وسط الصحراء... مكان يتمكن فيه كل أطفالنا من الشرق والغرب، أن يجدوا التقبل... والمحبة.. والاحترام... والسلام. اللحظة ملكنا، وسوف ننجح إذا آمنا بالفكرة القائلة: "أفضل وقت لزراعة شجرة كان قبل عشرين سنة... ثاني أفضل وقت هو الآن".

وكان رئيس المنتدى السيد سامي بحراوي قد قدم جلالة الملكة رانيا بإعطاء نبذة عن الجهود التي تقوم بها جلالتها.

ويتضمن برنامج المنتدى في دورته الثامنة عدة محاور للنقاش تتوزع على ست جلسات خلال أيام المنتدى الثلاثة وهي استراتيجيات الإصلاح الاقتصادي العالمية مقابل الخصوصية والشمولية مقابل التخصصية مع ضرورة مواكبة الإطار القانوني ومفهوم الأمن المرن في الإصلاح ومبادرة المسؤولية الاجتماعية.

ويشارك في المنتدى هذا العام شخصيات سياسية واقتصادية عربية وعالمية منها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، نائب رئيس الوزراء الماليزي نجيب تون رزاق. وكان المنتدى قد تناول خلال السنوات الثمانية الماضية قضايا عالمية، وشارك فيه سياسيين واقتصاديين من العالم أمثال سمو الأمير الوليد بن طلال، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون، رئيس الوزراء البريطاني السابق جون ميجور، والمستشار السابق لجمهورية ألمانيا غيرهارد شرودر، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت.

وكانت جلالة الملكة رانيا العبدالله قد التقت رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان حيث جرى خلال اللقاء بحث المجالات ذات الاهتمام المشترك.