الملكة رانيا للمجتمع الدولي:"لا نستطيع السماح بأن يصبح التعليم ضحية للأزمة الاقتصادية"

16 كانون الأول 2008

اوسلو - طالبت جلالة الملكة رانيا العبدالله القادة من مختلف القطاعات في العالم التركيز على تعليم الفتيات، وقالت "أنا فخورة أن الأردن يسير على الطريق الصحيح لتحقيق المساواة النوعية في التعليم خلال الفترة المستهدفة".

جاء ذلك في كلمة لجلالتها خلال مشاركتها اليوم في النرويج في جلسات القمة العليا لمبادرة "التعليم للجميع" التي حضرتها الملكة سونجا ملكة النرويج وعدد من الناشطين في مجال التعليم وصناع القرار من بينهم رئيس السنغال عبدالله واد، والأمير هاكون ولي عهد النرويج، والمدير العام لليونسكو كويشيرو ماتسورا ورئيس وزراء النرويج ينس ستولتنبرغ.

وقالت جلالتها أن بعض الدول في الوطن العربي تحتاج اهتماما أكبر من المجتمع الدولي لتحقيق هذا الهدف الهام وهو المساواة النوعية في التعليم، وقالت "هنالك 5,7 مليون طفل عربي خارج المدرسة، حوالي 60% منهم يعيشون في الدول الأقل نموا في المنطقة، ومنها اليمن، جيبوتي، السودان، وموريتانيا. وفي داخل هذه الدول، 3 من 4 أطفال لا يذهبون إلى المدرسة هن فتيات."

وأشارت جلالتها إلى عدد من البرامج التعليمية الناجحة التي تطبق في عدد من دول المنطقة لتمكين الفتيات؛ كمبادرة مصر في توفير مدارس صديقة للفتيات، والاستراتيجية الوطنية لتعليم الفتيات في اليمن، وخطة العمل الوطنية التي تنفذها المغرب.

وكان المجتمع الدولي، قبل ثماني سنوات، قد التزم بتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، من بينها تحقيق تعميم التعليم الابتدائي بحلول عام 2015.

وحذرت جلالتها من أن "العدالة ما زالت تستثني 41 مليون فتاة في العالم من التعليم". وأضافت "كيف يمكننا تبرير إهمال هذا الكم من القدرات الإنسانية وعدم الاستفادة منها؟ لماذا تكون بنات الفقراء أقل استحقاقا من بناتنا؟ كيف يمكننا السماح لأن تكون ولادة الأطفال لعائلة فقيرة هو ما يحدد مصيرهم؟"

وقالت "الفتيات في مناطق أخرى من العالم يتشاركن هذه المعاناة، ويخسرن بسبب الفقر والانحياز، لأن عائلاتهن تستثمر في الأولاد أكثر من البنات عندما يكافحون من أجل البقاء. ويتركن التعليم مبكرا لأن العديد من المدارس تفشل في توفير الخدمات والمرافق النظيفة التي تعطي الفتيات الخصوصية والكرامة التي تستحقنها. ويفتقرن أيضا الى القدوة النسائية ... لالهامهن ... لمساعدتهن على تخيل ما يمكن أن يكنّ. جميع هذه التحديات صعبة ... ولكن ليست واحدة منها مستحيلة."

وقالت جلالتها أن توفير التعليم للجميع "قد يبدو مستحيلا في بعض الأحيان، ولكن إصراري يزداد قوة كلما سمعت طفلا يقول أن أمنيته الوحيدة هي الذهاب إلى المدرسة". مؤكدة أن التعليم حق أساسي للأطفال، ولا يجب أن يكون مجرد أمنية.

ودعت الحضور للتفكير بمدى تأثير التعليم، والتركيز على تعليم الفتيات والعمل بيد واحدة من أجل الالتزام بوعودهم لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وقالت "تخيلوا عدد الأطفال اللذين من الممكن أن تتحسن حياتهم لو وصلت الأموال والمشاريع لكل طفل".

وتناقش القمة خلال جلسات عملها العديد من المحاور الهادفة إلى تحديد الأساليب المتبعة لضمان إيصال التعليم للجميع وتعزيز البرامج القائمة في هذا المجال وإنشاء برامج جديدة في المناطق ذات الحاجة الماسة لذلك.

وفي تصريح صحفي سبق كلمتها ناشدت جلالتها الحضور عدم إهمال تمويل التعليم في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية. وأشارت إلى أن "أفضل طريقة لضمان مستقبلنا هي بتعليم أطفالنا. فالتعليم أكثر من مجرد حق أساسي للانسان. هو جواز سفره للنمو الاقتصادي ... غطاء يحميه من سوء التغذية والأمراض ... وهو الطريق لتحقيق السلام".

وأضافت "الأزمة المالية تقلق الدول المتطورة، وتدفعهم للتفكير في تخفيض ميزانياتها المخصصة للمساعدات الخارجية. لأن التحديات الحالية عاجلة جدا، قد يبدو تأجيل الخطط طويلة الأمد ووضع الاستثمارات جانبا، والتركيز بشكل خاص على المشاكل التي تحتل العناوين الرئيسية حلولا مناسبة. سيكون من السهل أن ننتقي تلك الخيارات ... ولكنه سيكون غلطة أيضا. لا نستطيع السماح بأن يصبح التعليم ضحية للأزمة الاقتصادية".

وأكدت على أنه "عندما تلتحق الفتيات بالمدرسة، يحصلن على الثقة بالنفس واحترام الذات ... يتزوجن وينجبن ... يكونّ عائلات أكثر ذكاء وصحة ... تبني الفتيات مجتمعات أكثر أمانا وازدهارا".

وضمن اهتمام جلالة الملكة رانيا بتعليم الأطفال عامة والفتيات خاصة، التقت عددا من أعضاء مبادرة الأمم المتحدة لتعليم الفتيات التي أطلقت خلال المنتدى العالمي للتربية عام 2000، بهدف توفير التعليم وتحقيق المساواة النوعية لجميع الأطفال. وتعمل المبادرة على تحسين نوعية وإمكانية حصول الفتيات على التعليم، وتسريع العمل في مجال تعليم الفتيات، وبناء تحالف من الشركاء، وإزالة الحواجز أمام التعليم والتي تؤثر بطريقة سلبية على مشاركة الفتيات، مثل ارتفاع الرسوم المدرسية والعنف في وحول المدارس.

واطلعت جلالة الملكة رانيا العبدالله خلال لقائها نائبة المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) هيلد جونسون على آخر نتائج الاحصاءات التي أعدتها اليونيسف في مجال التعليم وتعليم الفتيات بشكل خاص. ويذكر أن جلالة الملكة هي أول مناصرة بارزة للأطفال اختارتها اليونيسف.