الملكة رانيا تدعو إلى تجذير ومأسسة ثقافة المشاركة الاجتماعية الفاعلة

19 أيار 2007

البحر الميت - في مشاركة غير اعتيادية من جلالة الملكة رانيا العبدالله، لعبت خلالها دور المحاور والسائل في حلقة حوارية حول "المواطنة العالمية من العمل الخيري إلى النشاط الاجتماعي والمشاركة المدنية الفعالة"، وذلك ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي الذي يعقد في منطقة البحر الميت.

وشارك في الجلسة النقاشية سمو الأمير تركي الفيصل آل سعود، رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. فادي غندور، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ارامكس والرئيس المشارك للمنتدى الاقتصادي العالمي – الشرق الأوسط. وعمر غباش، نائب الرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات. باربرا إبراهيم، المدير المؤسس لمركز جون غيرهارد للأعمال الخيرية والمشاركة المدنية. وكارلي فيورنا، الرئيس التنفيذي لمؤسسة فيورنا، الذين يعملون في مجالات عديدة، من القطاع الخاص إلى المؤسسات المانحة والداعمة والمؤسسات التي تعمل في مجالات البحث والتطوير.

وبينت جلالتها الحاجة إلى نشاط اجتماعي فعال يستمد عناصره من الدوافع الفردية لحب الإنسانية والمساعدة. وقالت جلالتها "نحن هنا للحديث عن الإنسانية والفعالية وهو شيء يهمنا جميعا. لأنه بغض النظر عن المكان الذي أتينا منه، هنالك أناس يستطيعون استخدام يد العون .. سواء كانوا هؤلاء في الجهة المقابلة من الشارع الذي تقف فيه، أو الجهة الأخرى من البلدة، أو عبر الحدود".

وقالت "عمل الخير شيء تعرفه المنطقة .. منطقة شهدت ولادة أعظم ثلاثة ديانات سماوية، حيث انه في صلب أي عمل تكمن الرحمة، وأعمال مساعدة الآخرين الذين بحاجة".

وواصلت جلالتها الحديث "لكن كما نعلم، المساعدة ليست مستدامة. اليوم، يحتاج العالم أكثر من ذلك. نحتاج عطاء متواصل شخصي وعن كثب.. لان المجتمع الحقيقي يرتبط بكون المجتمع يتحد معا... ويرتبط بالمسؤولية الجماعية .. والعمل المشترك. لا يمكنك دفع المجتمع بيد واحدة، ولكن يمكنك دفعه مع الآخرين".

وقالت جلالتها انه "على سبيل المثال، يتحدث الشركاء التنفيذيين للمجالس القروية .. النساء العاملات يستخدمن وقتهن وقدراتهن لإرشاد طالبات المدارس الثانوية في المناطق الفقيرة... هذه هي المسؤولية الاجتماعية. ولكن هل نرى ما يكفي منها؟ ليس بعد.. كيف يمكننا تحقيق ذلك، هو شيء آمل أن تخبرنا عنه هذه الجلسة الحوارية".

وحول الفارق بين العمل الخيري والعمل الاجتماعي الفعال وصفت باربرا إبراهيم خط التطور من العمل الخيري الذي ينحصر بتلبية الاحتياجات قصيرة المدى للفئات المحتاجة مرورا بلعب دور في التنمية للوصول إلى المشاركة الإستراتيجية الفعالة التي تتطلب النظر إلى جذور المشكلة ومعالجتها وليس معالجة العوارض السطحية.

وتعليقا على ما قالته جلالة الملكة أن العمل الخيري ليس بجديد على منطقتنا أشار سمو الأمير تركي الفيصل إلى أن العمل الخيري والمشاركة الإنسانية متأصلة في التراث والدين. وبين سمو الأمير وجهة النظر الإسلامية في العمل الخيري والإنساني من خلال ما قدمه من آيات قرآنية وأحاديث تدعو إلى الزكاة والصدقات.

وخلال فيلم وثائقي تم استعراض نموذج أردني لأحد المشاريع التي تمثل قصة نجاح في المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص. والتي عرضت تجربة مؤسسة رواد التنمية التي بدأت فيها شركة ارامكس في مجتمع محلي هو جبل النظيف وبمساهمة من مؤسسات القطاع الخاص، التي قادت إلى إنجاح هذه المبادرة.

وفي سؤال لجلالتها عن الدافع وراء هذا العمل أوضح السيد فادي غندور انه رغبة أشخاص رياديين من القطاع الخاص للقيام بدورهم في مجتمعهم وبهذا العمل أكدوا دور القطاع الخاص في تحديد مستقبل المنطقة الذي ليس من المعقول الانتظار لقيام احد غيرهم في تنميته. وأشار إلى أن هذه المبادرة فتحت المجال لسكان المجتمع المحلي في تحديد أولوياتهم واحتياجاتهم.

وفي مداخلة لشاب وشابة من المستفيدين من تلك المبادرة في جبل النظيف أكدوا رغبة الشباب في التطوع والمساعدة لبناء مجتمعاتهم. وقالوا أن ما ينقصنا لم يكن غير الوسيلة، لقد كان لدينا الدافع للعمل ولدينا الهدف لكن لم نعرف كيف نبدأ وجاءت المبادرة لكسر الحواجز أمامنا والتي استطعنا من خلالها توضيح القدرات الكامنة لدينا لخدمة مجتمعنا المحلي. ووجهوا للحضور نداء لمساعدتهم على القيام بما يطمحون له لمساعدة مجتمعاتهم.

وشدد السيد عمر غباش على دور الشباب والطاقة الكامنة لديهم التي تترجم في رغبة كبيرة للتطوع، الأمر الذي يعني ضرورة إيجاد عمل منهجي وإطار لتوظيف هذه الطاقات الشابة بما يخدم العمل التنموي المستدام.

ومن جهتها أشارت كارلي فيورنا إلى أن المؤسسات العاملة في مجال العمل الاجتماعي لا يمكنها فرض أهدافها على مجتمع ما ولكن المجتمعات هي التي تحدد أولوياتها مشيرة إلى انه ليس علينا أن نعطي الأموال فقط ولكن علينا بناء القدرات. وقالت يجب أن نؤمن بأن كل فرد لديه إمكانات هائلة بغض النظر عن مكان سكنه أو فقره، ويستطيع إحداث التغيير في مجتمعه حال توفر الفرصة له.

وفي نهاية الجلسة دار نقاش موسع شارك فيه الحضور تركز على ضرورة تعزيز ثقافة العمل التنموي المستدام وحشد الطاقات خاصة وان 70% من العمل الخيري في العالم العربي يتم من خلال الأفراد وبصفة شخصية.

وفي ختام الجلسة ذكرت جلالتها الحضور الذي تمثلت غالبيته من رجال الأعمال ان أهم النقاط التي يستذكرها رجال الأعمال بفخر هو حديثهم المرتبط بتغيير حياة شخص أو مجتمع من خلال ما يقدمونه في إطار المسؤولية الاجتماعية.