كلمة الملكة رانيا خلال الندوة السنوية السادسة لكلية عفت

April 26, 2008

السبت، 26 نيسان 2008الندوة السنوية السادسة لكلية عفت - جدة, المملكه العربيه السعوديه
 بسم الله الرحمن الرحيمصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة
صاحبة السمو الملكي الأميرة لولوة الفيصل
أصحاب السمو الملكي الأمراء
صاحبات السمو الملكي الأميرات
أصحاب المعالي والسعادة والحضور الكرام
طالبات كلية عفت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.مرة أخرى، أجد نفسي بينكم - هنا في المملكة العربية السعودية - مغمورة بدفء الكرم والضيافة، محاطة بدعم الأهل والأحبة.أشكركم على إشراكي في هذا المنتدى السادس لكلية عفت، منتدى حول مواطنتنا الجديدة في عصرنا هذا، المواطنة الالكترونية التي تهدم الحواجز التي تفصلنا عن بعضنا البعض، وتحول دون اشتراكنا جميعاً في حوار مستمر، يخدم المخزون المعرفيّ العالميّ.منذ أسابيع، أصبحت طرفاً في هذا الحوار الالكترونيّ العالميّ. أطلقت صفحة على موقع يوتيوب الالكترونيّ، صفحة أتمنّى أنا المرأة ... الأمّ ... العربيّة ... المسلمة أن تغير من مفهوم العالم عنا ... نحن العرب المسلمين نساء ورجالاً، وتفتح باباً آخر للحوار بين كلّ من يؤمن بأننّا متشابهون أكثر بكثير من اختلافاتنا.يستقبل الموقع الكثير من التعليقات المبنيّة على معتقدات خاطئة وصور نمطية لنا كعرب ومسلمين، لن أسردها هنا، لأنني أكيدة أنّ العديد منكم يدركونها.أسمع كثيراً "العرب ليسوا مثلنا"، أسمعها من أوروبيين وأمريكيين وآسيويين.. أسمع كثيراً عن اختلافاتنا وقليلاً عن قواسمنا المشتركة ...وعندما يتحدثون عن الاختلاف بين الشرق والغرب، يستشهدون في معظم الأوقات بوضع المرأة العربية، كيف أنّها مقموعة، غير متعلمة، غير مشاركة .... ليت كل مشكك في وضع النساء العربيات يلتقي طالبات هذه الكلية كما التقيتهن منذ قليل، ليتهم يستمعون إلى طالبات عفت، إلى منطقهن وسعة مداركهن.ليس فقط بكلية عفت العريقة ترفع الرؤوس ... ليس لأن "عفت غير، وجدة غير"، بل لأن السعودية غير، والعالم العربي غير، لأننا جميعا غير .. بنساءنا، ورجالنا، ومجتمعنا ...نلتقي اليوم في عفت بعد أكثر من خمسين عاماً على إنشائها، نصف قرن مليء بالريادة، دشنته كليتكم عندما أصبحت أول صرح جامعي ترتاده النساء في المملكة، ومؤخراً عندما أصبحت عفت أول جامعة تدرس الهندسة للفتيات في السعودية.مؤسسة هذه الكلية، المغفور لها "عفت الثنيان" أدركت مبكراً ما ينادي به العالم أجمع اليوم، أن النساء أساس التنمية، وضمان أكيد على استمرارها.تجتمعون اليوم لتناقشوا التعليم والتقنية الحديثة، وأهمية أن نسخر تقنيات عصرنا لخدمة مؤسساتنا التعليمية ... نعم التقنية مهمة، لكن هذا العصر ليس عصر التقنية فقط، التقنيات تسهل، تقصر المسافات وتفتح الأبواب ... لكنها لا تفكر ولا تبصر ولا تبدع، عصرنا هذا عصر الرؤية .. عصر الفكر والفكرة الخلاقة ... والأفكار هي أغلى سلعة هذه الأيام!والإنسان هو أكبر استثمار .... رجلاً كان أو امرأة.قد يجد البعض في عاداتنا وتقاليدنا ما يمنع خروج المرأة عن دورها التقليديّ، ويستشهدون بالنظرة المجتمعية لحصر النساء في قوالب محددة وعدم إعطائها الدعم والتشجيع، والأهم الأدوات لتسخير كلّ طاقاتها في ما هو مفيد لها ولعائلتها ومجتمعها.ومن حق كل إنسان، رجلاً كان أو امرأة على نفسه أولاً، أن يستغل جميع إمكانياته وطاقاته ومواهبه فيما يراه دوراً فاعلاً في بناء نفسه وعائلته ومجتمعه.عندما نتحدث عن تمكين المرأة يعارض البعض ذلك بشدة وكأن إعطاء المرأة حقوقها يعني أنها ستخرج عن العادات والتقاليد والأعراف وتبدأ بالتّشبه بالغرب وما إلى ذلك من أشياء نسمع ونقرأ عنها بين الآونة والأخرى. كيف يكون تعليم المرأة كي تحافظ على نفسها وعائلتها وتفهم زوجها وتشاركه طموحه "ثورة"؟! وكيف تكون مساهمتها وعملها وطموحها لتحسين نفسها ومن ثم مجتمعها خروجاً عن العادات؟! ألم تكن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها- سيدة أعمال؟!

 

لقد أكرم ديننا الحنيف النساء كما أكرم الناس جميعاً، فللمرأة كما للرّجل الخيار ... خيار الموافقة على شريك الحياة وخيار المساهمة في الدّفاع عن الوطن ... وللمرأة حرية التصرف بمالها والمشاركة في بناء الاقتصاد .. الاقتصاد المنزلي والوطني. والقوانين لا تحول دون مشاركة المرأة، دون إسهامها، دون فاعليتها ..أكثر من نصف الخريجين في دولنا العربية نساء، النساء يكملن دراستهن الجامعية أكثر من الرجال! ومع هذا .... نسب متفاوتة من النساء في دولنا العربية يشاركن في توليد أفكار جديدة في مختلف المجالات .. رغم أن لديهن المقومات لإنتاج أغلى سلعة في العالم، الفكرة، يستطعن تغيير الصورة النمطية عنهن، ولديهن القدرة على خط مسارهن بأيديهنّ، يستطعن كل هذا وأكثر بكثير.وتسخير العلم لا يحدث في سوق العمل فقط. يقال "إن تعلم إمرأة فإنك تعلم مجتمعاً بأكمله "وأنا أعلم، عن تجربة، أن المرأة المتعلمة في منزلها، مع أولادها وزوجها، تختلف عن سواها، فالمرأة المتعلمة، المفكرة، تزرع في أولادها حب العلم وتنمي فيهم حس التفكير الخلاق. لأن الام تستطيع أن تجعل تاريخنا، أخلاقنا، عاداتنا، تقاليدنا، وقوانيننا البوصلة التي ترسم مسارها ومسار أولادها، وتستعين بتعليمها وتقنيات العصر لتصل بهم الى بر الأمان الذي يشارك كلّ فرد من مجتمعنا في بنائه.أحد شعارات هذا المنتدى هو "إن لم تدون تاريخك بنفسك، سيكتبه غيرك عنك" ... نساء السعودية والوطن العربي سيكتبن تاريخهن بأقلامهن وبأفكارهن.ومع تمكين كلّ امرأة عربية تكتب أسطر جديدة في كتابنا ...

لكي نكون نحن نساء العرب المرجعية الأولى في تحديد صورتنا، في كتب التاريخ، وعلى صفحات الانترنت.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته."