كلمة الملكة رانيا خلال إطلاق تقرير اليونسكو العالمي لرصد التعليم للجميع 2011

May 30, 2011

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
سلام على كل أرض عطشى .. مقسمة بالنزاعات،
وكل شعب محكوم عليه بالحرب،
وكل طفل سلبته الخلافات سنوات لعب؛ وعلم؛ وأمان.
 
أصحاب المعالي والعطوفة، الحضور الكريم:
لم يكن الوقت مناسباً أكثر لظهور مثل هذا التقرير، ليكشف عن الصلة الوثيقة بين النزاعات المسلحة والتعليم.
فملامح الوطن العربي في تغير سريع، على المستويين القيادي والشعبي... وللأسف فإن رياح التغيير تهب أولاً على المدارس... تشل نشاطها، وتحولها إلى مبان مهجورة من طلابها وهيئاتها التدريسية؛ ومن العلم والتربية والحضارة.
التعليم هو أول ضحايا الأزمات والحروب والنكبات:
فعندما يطغى الخوف وتسيطر الحاجة، يفقد المرء أمنه الإنساني، ويفقد التعليم أولويته.
هناك أكثر من مليون طفل يمني خارج الصفوف المدرسية الإبتدائية،
وأكثر من مائة ألف طفل فلسطيني خارج الصفوف المدرسية الإبتدائية،
وأكثر من خمسمائة ألف طفل عراقي خارج الصفوف المدرسية الإبتدائية،
فالأطفال هم أول المتضررين، وأصعب شريحة اجتماعية من حيث الوصول إليها في مناطق النزاعات.
يجب أن نحرص على ألا تزداد هذه الأرقام سوءاً في ظل التغييرات التي تشهدها بعض دولنا العربية. ونتمنى أن يعم السلام على أوطاننا والعالم أجمع.
هناك مقولة تؤكد؛ بأنك إن لم تكن تملك لنفسك هدفاً في الحياة؛ فستقع في مرمى هدف شخص آخر.
في وطننا العربي ملايين الأطفال الواقفين في مرمى نيران أطراف بأجندات أكبر من أن تفهمها أعمارهم، لكن لا خيار لهم سوى البقاء حيث هم... فمن لم يتعلم لا خيار له.
مجندون، متسولون، معنفون، مجبرون.
هناك الملايين من الأطفال بحاجة إلى فرصة لعيش كريم، لتعليم يفتح لهم الأبواب، لتعليم يمكنهم، ليطمحوا، ويحلموا ومن ثم يصبحوا.
في الأردن والحمد لله ننعم بالأمن. وبحمد الله أوشكنا على تحقيق ‘تعميم التعليم الإبتدائي’.  ورغم قلة الإمكانيات المادية إستطعنا إدخال الأطفال النازحين إلينا من دول جوارنا إلى المدارس الإبتدائية. ونعمل الآن على تحسين نوعية التعليم ومخرجاته.
واجبنا أن نحرص على ألا تشل ظروفنا مستقبلنا، مهما كانت! سواء كانت إقتصادية أو أمنية أو سياسية أو غيرها. فالأمن الإنساني ليس التحرر من الخوف ومن الحاجة فحسب... بل التسلح بالتعليم لكي ننهض بعد تعثر أو ظرف قاهر، ولألا تقعدنا الحاجة وتحد من إمكانياتنا.
وقد يكون إنفاق الدول العربية من دخلها القومي على التعليم أكثر من غيرها مؤشراً واضحاً على إصرارنا على تأمين التعليم للجميع. وحرصنا على تطوير تعليمنا بحيث تتناسب مخرجاته واحتياجات السوق؛ لخفض نسب البطالة في دولنا، وبالتالي تحقيق النماء الاقتصادي.
فالتعليم أولوية لا يفقدها النزاع ولا الأمن ولا الوضع الاقتصادي مكانتها.
هناك ملايين الأطفال العرب خارج الصفوف المدرسية؛ ولكي تكون حياتهم ملكهم وليست رهن ظروف وأجندات ونزاعات لم يختاروها لا بد أن يتعلموا، ففي القرن الحادي والعشرين: من لم يتعلم... لا خيار له، ومن لم يتعلم... لن ينعم بالأمن الإنساني.
بارك الله في وقتكم وجهدكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،