في مقابلة مع مجلة لها، الملكة رانيا: "علينا أن نجد في كل تحدٍ فرصة جديدة"

March 08, 2007

الملكة رانيا العبدالله: أنتن بانيات السلام ولا خوف عليكن!

يطل علينا يوم المرأة الواقع في الثامن من آذار / مارس، هذا العام، لا كما في كل عام. لا احتفالات ولا مؤتمرات ولا كلمات ولا منتديات ولا قمم... وكأن كل القضايا التي صنعناها من جهد وحبر، وصُنعت على نار هادئة أو دخلت في سبات خفيف، ريثما تهدأ العاصفة التي تعصف بالمنطقة، من العراق إلى دارفور، مرورا بلبنان وفلسطين. ونحن أسرى تلك الدائرة المفرغة التي لا تنكسر، ولا تنفك تعيد بث المشاهد نفسها، من غياب الأمن والسلام إلى ازدياد العنف والتطرف حتى تأخر التطوير والتنمية. الثامن من آذار / مارس 2007، هل من خوف اكبر على مستقبل المرأة العربية؟ الملكة رانيا العبدالله، بتفاؤلها المعهود، تطمئن وتبدد الصورة السوداوية التي قد نرسمها عن مستقبل المرأة العربية في لحظة ضعف، فتؤكد أن "لا خوف على مستقبل المرأة العربية، وعلينا أن نجد في كل تحد فرصة جديدة". ونحن نستمد الكثير من حماستها ونضالها الذي لا ينال منه تعب أو وهن، لنتابع المسيرة... 
 
يأتي يوم المرأة هذا العام مع غياب الأمن والسلام خصوصا في العراق ولبنان وفلسطين ودارفور، الأمر الذي يقوي صوت التطرف على الاعتدال ويؤخر الإصلاح ويعطل مسيرة التنمية والتطوير. هل من خوف على مستقبل المرأة العربية؟
 
أنا أؤمن بأن للمرأة دور كبير في تقوية ترابط المجتمع، خصوصا في ظل الظروف الراهنة، والنساء على مر التاريخ اثبتن قدرتهن على أن يكن بانيات السلام. ولذلك تزداد المسؤولية علينا جميعا في تفعيل دور المرأة ودفع مشاركتها في مجالات الحياة المختلفة، وهذه الفرصة لا يمكن لنا إضاعتها. ولكن التغيير يحتاج إلى الوقت، فمثلا مشاركة المرأة قبل 30 أو 20 عاما كانت خجولة بالمقارنة مع مشاركتها اليوم. لا خوف على مستقبل المرأة العربية، وأنا دائما أقول أن علينا أن نجد في كل تحدٍ فرصة جديدة. وفي الدول العربية، أنجزت المرأة الكثير ويبقى أمامنا الكثير لتحقيقه. وأنا متأكدة من قدرتنا على تحقيق الأفضل، لامتلاكنا العزيمة والالتزام. 
 
من واقع تربيتكم لأطفالكم الأربعة، كيف يمكن زرع المساواة في نفوس الأطفال منذ النعومة، وعدم التمييز بين تربية الفتيات والصبيان؟
 
في البداية موضوع المساواة بين الفتيات والصبيان مطروح في العالم وليس عربيا فقط... وللمجتمع العربي خصوصية في الخوف على الفتيات وحمايتهن. هذا الحب وهذه الرعاية يفرضان في بعض الأحيان المزيد من الضغوط على الفتاة، كما على الأهل. هنالك مَثل يقول "القارب الذي يرسو في المرفأ هو قارب آمن ولكنه القارب، أيّ قارب لا يُبنى ليبقى في المرفأ"، كذلك الحال في معاملتنا للفتاة، علينا ألا ندع خوفنا عليها يحد من مسيرتها نحو تحقيق ذاتها. المساواة، برأيي، يجب ألا تقتصر على الحب الذي يمنحه الأهل لأبنائهم وبناتهم... لكنها تشمل أيضا المساواة في الفرص، خصوصا في التعليم، وفي الدعم الكامل والثقة المطلقة التي تمنح للبنات والأبناء، وفي التشجيع والتحفيز على الإبداع والتميز. هي أيضا المساواة في استثمار طاقاتهم وقدراتهم. وكامرأة عندما أفكر في الدور الذي أريده لنفسي، لا أجد أعظم من دوري كأم، مسؤوليتها زرع القيم الصحيحة والأخلاق في أولادها. ودعونا جميعا في هذا اليوم الخاص، يوم المرأة، ومع اقتراب يوم الأم، ألا ننسى أن كل أم هي قدوة لأبنائها وبناتها، تعزز فيهم قيم المساواة في طريقة التعامل، حتى ينظر الأبناء الصغار عندما يكبرون، إلى أخواتهم وزميلاتهم في المدرسة والجامعة والعمل كشريكات في الحياة والمجتمع وميادينه المختلفة. 
 
في يوم المرأة هذا، يسود الاعتقاد أن قضايا المرأة العربية وضعت على نار هادئة، في وقت تتقدم فيه قضايا الأمن والسياسة على كل ما عداها. هل من كلمة توجهونها للمرأة العربية المحبطة بعض الشيء اليوم؟
 
بداية أريد أن أؤكد أن المرأة العربية ليست محبطة، ولا يجب أن نطلق عليها هذه الصفة. والانجازات التي حققتها المرأة العربية اكبر دليل على ذلك. هذه المرأة التي نراها في كل مكان تنتج وتتخطى الحواجز والتحديات التي تواجهها بكل صبر وقوة. ولي مع هذه المرأة في كل يوم تجارب، أرى الأمل والرغبة في الانجاز في عينيها خلال زياراتي ولقاءاتي بها سواء في الأردن أو في الوطن العربي.
 
فعلى سبيل المثال لا الحصر، شاركت نساء أردنيات وعربيات في إطلاق الشبكة النسائية للطفولة لمناقشة التحديات التي تواجه المرأة والطفل، وهذا يدل على وعي المرأة العربية في هذا المجال. في أبو ظبي التقيت مجموعة من الطالبات في مؤتمر الأدوار القيادية للمرأة، ولمست فيهن التفاؤل والقدرة على رسم المستقبل. وفي جدة، رأيت انجازات المرأة السعودية والتصميم الكبير لديها على العطاء والتقدم والتطوير. وحديث الشابات في الكويت حمل الأمل والطموح الذي لا يمكن أن يوقفه تحد. هذه كلها، وغيرها الكثير، أمثلة حية على شجاعة وقدرة المرأة العربية التي نحترم ونفتخر بذكائها وطاقتها ودورها في إحداث التغيير على الرغم من كل التحديات، وبالرغم من حالة عدم الاستقرار والنزاعات التي تعاني منها الدول العربية.
 
 
© حقوق الطبع, مجلة لها