كلمة الملكة رانيا خلال إطلاق الحملة الوطنية "معاً نحو بيئة مدرسية آمنة"

18 تشرين الثاني 2009

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

السلام على كل من حمل عبء الأمانة،

أمانة المسؤولية ...

مسؤولية التربية.. والتعليم.. والتهذيب.. والتقويم....

السلام على مديرات ومديري مدارسنا..

أقف اليوم أمام أربعة آلاف وخمسمائة منكم، مسؤولين عن أربعة آلاف وخمسمائة
مدرسة في جميع محافظات الأردن..

آلاف بيوت العلم التي تضيء جوانب بلادنا، وآلاف العقول التي تكبر معكم وبكم..

لقد كنتم دائماً على قدر المسؤولية التي أوليت لكم، وهي كبيرة .. لأن مسؤولية
القائد مضاعفة، فبيده دفة القيادة، وعلى أكتافه مسؤولية تربية جيل جديد.

وأتمنى أن يعي طلابنا قيمة حكمتكم، وألاّ تحرموهم من وقتكم، وقلوبكم. لأن الطفل
يتعلم بالحب، وليس بالرهبة.

فكثر الله من أمثالكم، وبارك بتعبكم، وإصراركم على التربية السليمة.

والقائد الناجح مسؤول ومساءل عند فشل جنوده؛ مكرم منتصر بفوزهم.. لأنه مسؤول عن
أفعاله، وعن أفعالهم.

شكراً لمنظمة اليونيسف ووزارة التربية والتعليم على الدراسة التي كشفت لنا أن
هناك تخاذلاً في مجتمعاتنا الصغيرة، وعلى إطلاقهما مشروع "معاً"، لأن علينا
"معاً" أن نداوي هذا الجرح.

للأسف، لسنا جميعاً مدركين لهول ما أظهرته هذه الدراسة .. لأن البعض يرى أن
التأديب والضرب متلازمان، كما يظن بعض الأهل أن عدم احترام أبنائهم للقوانين
المدرسية، أو تطاول التلميذ على معلمه مقبول.

العملية التعليمية ثلاثية الأبعاد، تتصدع إن لم تكن أساساتها الثلاثة، التلميذ
والمربي وولي الأمر، راسخة .. قوية ... وعلى قدر المسؤولية.

هرمنا التعليمي مهدد..

ما نراه اليوم في مدارسنا ليس منا في شيء! ليس في تاريخنا.. ليس من شيمنا.
فالأردن، بلدنا الحبيب، يعد من الأفضل في المنطقة من حيث نوعية التعليم. وشعب
الأردن معروف بدماثة خلق أبنائه، باحتضانه لزواره، وبقلب أبنائه على بعضهم.

العنف متزايد في مجتمعنا والصحف اليومية لا تخلو من قصة اعتداء مواطن على آخر.
فهل أصبح العنف لغة سهلة التداول بين الأردنيين؟!

لا شك أن قلوب الأردنيين محبة بعضها بعضاً ... الأطفال والأطباء والجيران
والشرطة والعامل والتلميذ... لكن هناك خلل في الممارسات. والطفل... مواطن
المستقبل؛ ما هو إلا نتاج تربيته سواء في المنزل أو المدرسة حيث يقضي ثلث يومه.
وما يتعلمه من قدوته سيطبقه على مجتمعه بعد ذلك.

فالطفل يقلد من حوله.

هناك خلل في العملية التربوية، ولكن هناك أيضاً نقصا في القدوة.

لا مكان للعنف بيننا. لن نتجاهل المشكلة ولن نتظاهر بأنها ستحل نفسها.

الضرب لم ولن يكون أبداً أداة للتعليم أو وسيلة للتأديب... هناك بدائل تعلم
التلميذ الانضباط، فتضمن له كرامته، كما تحفظ للمعلم هيبته..

كما تعلمون،…. ابتداء من اليومِ تعدل نظام الخدمة المدنية،

لن يكون هناك تهاون مع أي شخص في مؤسساتنا الحكومية يضرب طفلاً.

أما التلميذ، فنحث وزارة التربية والتعليم بالتشديد على القانون القاضي بأن
الذي يتطاول على زميل أو مرب ينقل الى مدرسة أخرى، وإن أعاد الكرة يفصل من
المدرسة.

فللقانون سيادة إن لم يحترمها الفرد...فلن تحترمه.

نعول على إدراككم بأن النظام الجديد أداة ردع وليس وسيلة عقاب، سيسهم في الحفاظ
على سوية مجتمعكم المدرسي، وصيانة حرمته، ليكون انعكاساً حقيقياً لنيتكم ودعماً
لجهودكم المتواصلة لتوفير الأفضل والأسلم لأطفالنا وأطفالكم.

منذ فترة، انطلقت بالتعاون مع المعلمين والأهالي والمجتمع المدني حملة اسمها
"عصا السلام".. قرروا أن يجعلوا مدارسهم ملاذاً آمناً. تخلت المدارس طوعاً عن
عصيها، واستبدلتها بالحوار، بالمساءلة، وبالمسؤولية..

لأن التعليم، لا يأتي من مقدمة الصف فحسب.. بل ينبع من جنبات مدارسنا... من
توجيه المعلم، وتقدير المدير، وحوار ساحة اللعب. ومن إحساس الطفل أن هناك من
يرعاه ومن يحرسه.

أنتم، قادة مدارسنا، والقائد الناجح يستشرف الأفق، ويأخذ بيدنا جميعاً لنصله.

نتطلع إلى بصيرتكم، وإلى راحات أيديكم، لأجل طلابنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.