نص مقابلة الملكة رانيا مع قناة العربية - الجزء الثاني

28 تشرين الأول 2013

منتهى الرمحي: مشاهدينا الكرام، أهلاً بكم معنا من جديد، نعود إلى هذا اللقاء الخاص والحوار مع جلالة الملكة رانيا العبدالله، أهلاً بكِ معنا من جديد جلالة الملكة. كنا قبل قليل نتحدث عن الربيع العربي والتغييرات التي تحدث بالعالم العربي، صار في شيء بالربيع العربي أو بهذه الفترة، تَوسع هامش الحريات والحقيقة أنه بسبب الـ social media بسبب وسائل التواصل الاجتماعي توسع أكثر، اصبح المسؤولون يتعرضون لانتقادات أكثر من أي وقت كنا نراه لأن الناس تُحمِّلهم مسؤولية ما يجري، جلالتك لم تسلمي حتى من الانتقادات.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أكيد، وستي، الانتقاد هو جزء لا يتجزأ من العمل العام واي شخص عندما يكون في موقع عام يكون تحت المجهر، النجاحات لها صدى عالي والإخفاقات يمكن صداها أعلى وهذا شيء طبيعي إلى حد ما. وأنا كنت مهتمة أن أسمع وأقرأ هذه الانتقادات حتى أعرف ما هي لأنه لا أحد فينا معصوم عن الغلط، من منا لا يخطىء؟ وأنا مع النقد المسؤول، وأي نصيحة تقدم لي أخذها بعين الاعتبار وأتفاعل معها حتى لو كانت جارحة.

ولكن بنفس الوقت كان هناك مغالطات ومبالغات، يعني إشاعات تُداول ليس لها أي أساس من الصحة ولكن تُداول وكأنها حقائق. فهناك فرق ما بين الانتقاد المبني على حقائق أو معرفة أو حتى وجهة نظر عقلانية والانتقاد المبني على الإشاعات التي القصد منها فقط التجريح والإيذاء، فكان هناك إشاعات مست نزاهتي والمبادئ التي تربيت عليها وأيضا مست أقرب الناس لي.. أهلي بدون وجه حق وهذه طبعاً جرحتني وكانت صعبة إلى حد ما ولكن أنا مع النقد البنّاء ويمكن الواحد يعتب لكن صعب يزعل من أهله وعشيرته، فما دام الواحد نيته صافية ونيته هي خدمة الوطن ويتذكر ربه في كل شيء، ما في مشكلة.

منتهى الرمحي: أنا دائما أقول أهم شيء نفرق بين الشائعة والمعلومة ومع وسائل التواصل الاجتماعي ما عاد في تفريق.

جلالة الملكة الملكة رانيا العبدالله: أكيد.

منتهى الرمحي: إذا سمحتِ لي أرجع لتجاربك الخاصة بخصوص تقديم رؤيتك وتقديم بلدك الأردن على مستوى العالم، هنا أريد أن أتذكر تجربة فريدة الحقيقة، ونالت إعجاب كثيرين وهي الحملة التي أطلقتها جلالتك على اليوتيوب لتغيير الصورة النمطية للعرب والمسلمين الموجودة في العالم ويمكن نعرض جانب من هذه الحملة، ولكن أنا السؤال الذي يهمني كيف تجاوزتِ عندما كنا نتكلم عن الانتقادات قبل قليل، كيف تجاوزتِ جلالتك مخاوفك وقمتِ بهذا.. بإطلاق هذا النوع من الحملات مع إنها حركة غير تقليدية وممكن تُفهم بشكل خاطئ.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: الاستطلاعات العالمية تشير إلى أن النظرة السلبية والتحيز ضد المسلمين في الغرب ينخفض بطريقة ملحوظة عندما يكون الشخص يعرف أو يتحدث مع شخص مسلم، فإذا دل على أي شيء هذا يدل أن التحيز ضد المسلمين أساسه عدم المعرفة. المشكلة اليوم أنه صعب لفت انتباه العالم لقضية أو مشكلة ما لسبب تكاثف وتزاحم الآراء والمبادرات والقضايا المطروحة على الساحة العالمية، وبالتالي الانسان أحياناً يكون مضطراً أن يخرج عن الاطار المألوف أو الطريقة التقليدية وأن يطرح شيء غير متوقع منه حتى يلفت الانتباه ليس لشخصه ولكن لقضيته وفكرته. للأسف، الصورة النمطية السائدة عن الإسلام اليوم هو انه دين كراهية، دين عنف، وان المسلمين كلهم إرهابيين، وهذه قضية خطيرة ويجب أن لا نتجاهلها لأنها تولّد.. تزرع الخوف والشك تجاه المسلمين وأيضاً تُشجع التحامل والتحيز ضدهم، وبالتالي علينا أن نأخذها بجدية، لأن هذه الصورة أبعد ما تكون عن الحقيقة، فالاسلام لملايين المسلمين حول العالم هو دين القيم الإنسانية ومبادئ الخير فيجب ان نبرز هذه الصورة عن الاسلام، ونحن عندما نرى أو نسمع إساءة لأي أحد نحبه نهب للدفاع عنه.

منتهى الرمحي: صحيح

جلالة الملكة رانيا العبدالله: فما بالك ديننا، ديننا الذي هو جزء منا، من هويتنا، من كياننا، من أخلاقنا، من تعاملنا مع بعض، الدين الذي تربينا عليه ونربي أولادنا عليه، ألا يستحق منا أن ندافع عنه؟

والآن أنا أرى انه عندما تحدث البعض عن الإسلام، احياناً نجد ان اللغة التي تُستعمل تكون تبسيطية.. سطحية، أحياناً اختزالية، واحياناً أرى مثلاً تصنيفات خاطئة عن الإسلام، مثل الإسلام المعتدل والإسلام المتشدد، اليوم ليس هناك إسلام معتدل ومتشدد، الإسلام بطبيعته هو وسطي.

منتهى الرمحي: الاسلام اسلام.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: وهو معتدل، ولكن هناك فهم متشدد له. والذين يقولون الإسلام السياسي، المصطلح هذا بحد ذاته يشير إلى مشكلة وهو استغلال البعض للدين لخدمة أجندات سياسية وأجندات ضيقة، وديننا أعظم من هذا، أعظم من كل شيء، أعظم من كل السياسة، وبالتالي الدفاع عن الدين الإسلامي هذه مسؤولية مشتركة لكل مسلم وكل عربي، وهي مسؤوليتي ومسؤولية الجميع وهذا أضعف الأيمان.

منتهى الرمحي: لاحظتِ أنه كان هناك أثر لهذه الرسالة في المنابر الدولية أو في تعاطي الناس معها؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: في جهل تجاه الإسلام ما في شك، وأكيد في إساءة. لكن عندما نتحدث عن الإساءة يجب أن نقف وقفة صريحة وجدية مع أنفسنا وننظر إلى ما يحدث في أماكن مختلفة من العالم من إساءات وعنف بإسم الإسلام، وللأسف هي تكرس الصورة النمطية السائدة بأذهان الكثيرين عن الإسلام. فالدين الإسلامي وجميع الأديان السماوية مبنية على أساس الرحمة ونحن كمسلمين قبل أن نبدأ أي عمل أو تصرف نبدأ بذكر اسم الله الرحمن الرحيم، والمسلم الجميع يعرف انه هو من سَلِم الناس من يده ولسانه، ولكن الخطاب الديني الذي نسمعه اليوم ولعلو صوته هو رهينة لفتاوي التكفير والتعصب والانغلاق الفكري من جهة ولدعاوي التطرف والكراهية والفتنة الطائفية من جهة أخرى، فأين لغة الرحمة في هذا.. ونحن بهذا الخطاب نسيء لأنفسنا أكثر بكثير مما يسيئ الغرب لنا، فإذاً علينا أن نعود إلى جوهر الدين وعلينا أن نرفع أصواتنا بالدفاع عن الدين.

اليوم عندما نرى أناس تسيء لديننا وتشوه صورته، مثلاً من قبل أشهر شاهدنا شخص يُسمي نفسه مسلماً قتل في بريطانيا شخصاً بريئاً ومسك رأسه وقال هذه من أجل الأمة. نحن يجب أن نتبرأ من هذا الفعل ونرفع أصواتنا بإدانة هذا الفعل ليس بأصوات خجولة، بأصوات عالية ليس لتلميع صورتنا بالغرب أو لنرضي الغرب، ولكن لأن ديننا يستحق هذا منا، يجب أن لا نسمح لأحد أن يشوه صورة هذا الدين العظيم الذي هو أكبر من كل هذه الأعمال، أعمال العنف. علينا ان نعود الى جوهر ديننا وللقيم والنموذج الأخلاقي الذي يقدمه لنا، قيم الخير والتسامح والإنسانية.. هذا روح ديننا.

منتهى الرمحي: القضية الفلسطينية، تحدثتِ جلالتك كثيراً عن القضية الفلسطينية ونحن تابعنا بوسائل الإعلام المختلفة كيف تحدثتِ عن غزة وتحدثتِ عن القدس وتحدثتِ عن معاناة الفلسطيني في الداخل، وأطلقتِ مشروع مدارس القدس، أو مدرستي القدس، هل هذا لأن القضية لها اعتبار خاص لديكِ؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أنا اهتمامي بهذه القضية نابع من هويتي كعربية ومسلمة، وهذه قضية الأمة وعلى بال ووجدان الجميع، وأيضا لاهتمام الأردنيين والهاشميين في هذه القضية، وليس لانني أنا من أصول فلسطينية، فأنا زوجة الملك عبدالله ملك المملكة الأردنية الهاشمية، هذا أولا وأخيرا. ونحن نرى أن كثير من الناس يحاولون المساعدة، فهناك مَن يحاول بطريقته المعينة، فهناك من يحاول المساعدة عن طريق الأوقاف أو عن طريق اللاجئين. أنا اخترت التعليم لإيماني بأن التعليم جزء لا يتجزأ من الصمود الفلسطيني على أراضيه وأن تعليم الطفل الفلسطيني يجب أن لا يكون رهينة لمفاوضات سياسية، فالمدارس هي ساحة صمود فلسطينية. وعندما أطلقت مبادرة مدرستي فلسطين، هذه كانت حلقة من سلسلة لا تتوقف من مواقف أردنية داعمة للشعب الفلسطيني ومعاناته. وأنا أعلم أن جلالة سيدنا مهتم بهذه القضية، قضية القدس والمقدسات، لأننا بالأردن نشعر أن هناك مُخططاً لتهويد القدس وهذا مخطط خطير والمدارس جزء من هذا المخطط. فهذه القضية دائماً على بال ووجدان جلالة سيدنا وهي تهمه كثيراً ويشعر بالقلق تجاهها، فهو يبذل كل جهد دبلوماسي أو قانوني أو سياسي لإبراز هذه القضية وإبراز المعاناة الفلسطينية والانتهاكات الإسرائيلية والتعنت الإسرائيلي في هذا الموضوع. وأنا بهذه المناسبة أشكر جميع العاملين بوزارة الأوقاف لجهودهم الجبارة وخدمتهم لهذه القضية وجهودهم المتواصلة للحفاظ على القدس والمقدسات برغم التحديات التي يواجهونها.

منتهى الرمحي: وهو اهتمام تاريخي بالحقيقة بالأردن نابع من جيل وراء جيل.

منتهى الرمحي: نعود للتواصل، مع العالم الخارجي للمنابر الدولية. جلالتك كنت جزء من مشاركة في كثير من المحافل الدولية يمكن أبرزها وأهمها الامم المتحدة وكنت تقريباً الصوت العربي الوحيد فيها، هناك ناس تتابع هذا الموضوع لكن عند الحديث معهم بعضهم يسأل سؤال؟ يقول نعم ولكن ماذا يستفيد الاردن منها؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أولا أنا لست الوحيدة على الساحة العالمية، هناك الكثير من العالم العربي يمثلونا ويرفعوا راسنا دائماً ولكن نحن دائماً بحاجة للمزيد، وبوجهة نظري مهم جداً أن نتحدث نحن عن أنفسنا ولا نترك فراغاً لأحد ليتكلم بالنيابة عنا، يجب أن نروي روايتنا بصوتنا حتى تكون هذه الرواية دقيقة وتمثلنا، ويجب أن يكون هناك حضور عربي على الساحة العالمية وأن يكون هناك مشاركة وطرح لوجهات النظر من العالم العربي ويكون هناك تأثير بالحوار الذي يدور حول القضايا التي تهمنا والتي تخصُنا فهذا الحضور مهم جداً.

والأردن رغم أنه بلد صغير لكنه كبير ليس فقط بعيون أهله ولكن له وزنه في العالم للدور الانساني العالمي الذي يلعبه وللدور السياسي الذي يلعبه والذي هو إرث ورثناه عن المغفور له الملك الحسين وبنى عليه الملك عبدالله ويبني عليه كثير من الشخصيات الأردنية التي نفتخر فيها وتمثلنا في الخارج. فهذه مسؤولية، مسؤولية لنا جميعاً ومسؤولية لي كأردنية.

منتهى الرمحي: يعني ما كان الهدف المزيد من تسليط الأضواء؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: الشك بدوافع الشخصيات العامة هذا شيء طبيعي ومتوقع إلى حد ما. وأنا مثل الكثير من الشخصيات التي تنتمي إلى عائلات مالكة، أحياناً يكون هناك تسليط إعلامي عليهم، وهذا ليس بالضرورة استطيع التحكم به تماماً ولكن أنا بأي نشاط أقوم به، سواء سفرة أسافرها أو مؤتمر أشارك فيه أو مبادرة أطلقها هدفي هو الترويج لبلدي والدفاع عن أمتي. وإذا بتفكري فيها منتهى، هذا الدور المتوقع من كل السيدات الاول، هل أخطئ، أكيد أخطئ وعندما اغلط أتوقع الانتقاد. وأتفاعل وأتجاوب معه، يمكن هذه طبيعة العمل العام إذا فعلت تُنتقد وإذا لم تفعل أيضاً هناك انتقاد. ولكن أنا أعرف حدود منصبي التي تفرضها مؤسسات الدولة والأعراف العالمية لأي امرأة في مكاني وأنا طبعاً مستحيل أن أخرج عن المواقف الرسمية والمعلنة الأردنية، فيعني أولاً وأخيراً المهم أنه الواحد يكون ضميره مرتاحاً ويتذكر ربه في كل عمل بعمله.

منتهى الرمحي: بتشوفي حالك جلالتك بتمثلي المرأة العربية؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: لا توجد امرأة واحدة تمثل المرأة العربية وليس هناك قالبا موحدا يمكن أن نضع به المرأة العربية. فهناك المرأة العربية المسلمة والمرأة العربية المسيحية والمرأة العربية العاملة والغير عاملة هناك المعلمة والمربية والمهندسة والدكتورة والاكاديمية والاعلامية والناقدة ويتقلدن أيضاً مناصب في القوات المسلحة وفي القضاء وفي الحكومات ولكن للأسف الصورة النمطية السائدة عن المرأة العربية هي انها مقموعة، وانها غير متعلمة وغير مشاركة وليس لها أي رأي ولا اعتبار، أكيد يوجد تحديات ولا زالت تواجه تمكين المرأة العربية ولكن حتى بهذه هناك فروقات ما بين الدول العربية المختلفة. لكن مثلاً إذا حتى أخذنا التعليم، إذا عُدنا لموضوع التعليم نجد ان هناك كان انجازات كبيرة في مجال التعليم للاناث، وهناك الكثير من الدول العربية التي فيها عدد الخريجات من الجامعات يفوق عدد الخريجين. حتى في مجالات عادة يتخصص فيها الذكور، مثلاً في المملكة العربية السعودية سنة 2010، 70% من الشهادات الجامعية في مادة العلوم كانت للاناث. وهذه بالمناسبة، هذا المعدل يفوق كثيرا المعدل نفسه بأوروبا الغربية وبالتالي لدينا انجازات كبيرة. لكن السؤال يبقى في العالم العربي ماذا يفعلن بشهاداتهن بعد التخرج؟ للاسف عدد العاطلات عن العمل في العالم العربي قد يكون الأعلى نسبة في العالم، وبالتالي هذا الاستثمار الضخم تجاه المرأة لم نجنِ ثماره وعندما نقول اننا نريد مشاركة المرأة نحن لا نطالب بأشياء تتعارض أو تتنافى مع تعاليم ديننا. ولا نطالب بشيء لم يسمح به رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وزمننا هذا يوفر لنا امكانيات مبتكرة ويمكن غير تقليدية للتكيف مع عاداتنا وتقاليدنا، ولان الأسرة بالنسبة لنا هي أهم شيء ويجب أن تبقى، وبنفس الوقت ان السماح للمرأة بالمشاركة مطلوب. ويمكن نحن دائماً نسمعها كثيرا ولكن ارغب التأكيد عليها، من المستحيل أنه لأي دولة إنجاز ما بوسعها إنجازه إذا كانت نصف الطاقة الكامنة داخلها غير مُفعلة وغير مُنتجة.

منتهى الرمحي: ربما هناك من يخشى أن يؤثر الانفتاح على الغرب والدخول في عصر الانترنت على عاداتنا وتقاليدنا وموروثنا العربي والتاريخي والاسلامي، هل جلالتك تعتقدي أو تتصوري أن يكون هناك تضارب بين هذا وذاك؟

جلالة الملكة: هذا موضوع شائك، ويمكن أن نتحدث فيه لساعات، وهناك حديث واسع حوله في كل دول العالم ولأن كل الدول تواجه هذا التحدي، العولمة لها ايجابياتها ولها سلبياتها. ولكن ما هو أكيد أنها واقع لا يمكن الهروب منه ولا تجاهله ولكن في هذا الموضوع نجد أنه في العالم العربي هناك تطرف في التعامل معها. فإما الانغلاق التام ورفض كل ما هو جديد لمجرد أنه جديد أو الانفتاح والانبهار بالحضارات والثقافات الغربية والتقليد الاعمى لها بدون أي وعي أو مسؤولية.

منتهى الرمحي: الواحد ينسى حاله.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أعتقد أنه في العالم العربي توجد حاجة ملحة وعطش لطرح ثالث، طريق أخرى، طريق وسطي ما بين هذا وذاك ليس بهذا الخندق ولا بهذا الخندق، طريق تقول أنا عربي ومسلم ومتمسك بكل العادات والتقاليد التي تأتي مع ذلك وأنا افتخر بها، ولكن بنفس الوقت أنا أريد أن أكون جزءاً من العالم من حولي أتفاعل معه استخدم كل ما هو حديث ومتطور وأبني لعائلتي ولاهلي حياة جميلة وأوفر لهم أحسن الموجود وان لا يكون تناقض ما بين هذين الأمرين مع العلم أن حضارتنا الاسلامية بأبهى عصورها كانت منفتحة ومتفاعلة مع العالم، واليوم نحن عندما نرى معالم الغرب كثير منها مبنية على الحضارة (الاسلامية)..

منتهى الرمحي: تراثنا الاسلامي.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: وحضارتنا الاسلامية، وخلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، وبالتالي هذه الآية تدل أن ديننا كان دائماً يشجع على وشجع دائماً على التواصل والانفتاح مع العالم أنا شخصيا أفتخر بحضارتنا وبتراثنا يعني لدينا قيم مثل احترام الكبير، صلة الرحم، ووقفتنا مع بعض بالأفراح والأحزان، الكرم، عزة النفس، أهمية العائلة، هذه مقومات يجب أن نتمسك فيها لأنها هي نقاط قوتنا ولكن بنفس الوقت ممكن أن نستفيد من الانفتاح الواعي والتفاعل الايجابي مع الثقافات من حولنا نحن نريد أن نترك بصماتنا لا أن نكون على هامش التاريخ، فبالتالي الانفتاح الواعي والتفاعل شيء مهم جداً.

منتهى الرمحي: جلالتك اذا سمحتِ ننتقل لجزء بالتأكيد مهم بتحب الناس كثير تشوفه جزء يتعلق بالعائلة اذا بتسمحي لي نروح لفاصل ونعود بعدها. فاصل قصير نعود بعدها.

منتهى الرمحي: مشاهدينا الكرام، أهلا بكم معنا من جديد في هذا الحوار مع جلالة الملكة رانيا العبدالله، جلالتك اسمحي لي أن ننتقل وقبل الفاصل كنا نتكلم عن جزء يمكن الناس تحب أن تسمع عنه يتعلق بحياتك كملكة وأنتِ ملكة وأم وأم لولي العهد كيف تتعاملي مع أولادك في ظل عصر الانفتاح والانترنت الذي كنا نتحدث عنه قبل قليل

جلالة الملكة رانيا العبدالله: بصراحة بكل خوف وحذر مثل بقية الأهالي يعني الواحد احياناً لا يعرف ما يشاهدوه على الانترنت فالواحد يجب يكون حذر جدا ويكون واعي وأيضا يعرف انه احياناً استعمال الكمبيوتر ومشاهدة التلفزيون هذا أيضاً يحد من مهاراتهم الاجتماعية وبالتالي يجب ان نكون حذرين جداً في هذا الموضوع.

منتهى الرمحي: في قواعد خاصة تستخدميها في التعامل معهم؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: لا توجد قواعد لكن أوجههم.وأعطيهم هامش واسع من الحرية والاستقلالية ويجب أن يكون هناك توجيه فمثلاً أشجعهم أن يُمارسوا الرياضة أن يخوضوا في المجتمع ويكون عندهم علاقات صحية مع أصدقائهم ومعارفهم. أهم شيء أنا برأيي أن تبقى قنوات التواصل مفتوحة مع الاولاد يعني دائما نشجعهم للحديث بحرية واريحية عن اهتماماتهم عن يومهم عن أصدقائهم عن مشاكلهم بالذات في سن المراهقة لان الطفل في سن المراهقة يمكن ان ينطوي على نفسه.

منتهى الرمحي: ايوه

جلالة الملكة رانيا العبدالله: فلا تريدي أن يصبح غريباً عليك فجأة، وبالتالي دائما الترابط والتواصل معهم مهم جدا.

منتهى الرمحي: كيف كان شعور جلالتك عندما تخرج الأمير حسين من المدرسة وهو ولي العهد؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: يعني والسنة بنتي ايمان ستتخرج إن شاء الله.

منتهى الرمحي: ان شاء الله

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أكيد كان شعوري بفخر كبير وبنفس الوقت الواحد يفكر كيف الزمن يمر بسرعة، يعني متى صار أطول مني، مش زمان كانوا صغار وألعب معهم، فهذا يجعلني أشعر بقيمة الوقت.

لكن مثل ما الأم تفرح تشوف ابنها كبر، صعب تتقبل أنه سيبعد عنها، هو صديقي وصديق الكل وكلنا بالبيت بنشتقله خاصة أخيه الصغير الذي بالنسبة له حسين قدوة وينبهر فيه ويستناه بفارغ الصبر والأمير حسين عندما يكون هنا يحرص يكون قريب من سيدنا ليتعلم منه ومثل ما بيحكوا الولد سر أبيه. والحمدلله هو بطبيعته مسؤول وجَدّي ومدرك حجم مسؤولياته وإن شاء الله يرجعلنا بالسلامة ونشوفه إن شاء الله بخير وعلى خير.

منتهى الرمحي: بتتذكري يوم ما انولد

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أكيد 28/ 6 اربعة وتسعين، وهذا تاريخ ما بنساه لانه هذا اليوم الذي أصبحت فيه أماً لأول مرة وأنا أعتقد أن كل الأمهات اللواتي يتابعونا يعرفن لانه بيننا صلة خفية وهذه الصلة هي أن نعرف معنى أن تُحب الأم ابنها وكيف الأم تخاف على أولادها وكيف لما يصير عندك ابن لا تعود حياتك لك تصبح حياتك لغيرك، فالأمومة يمكن أعظم دور لأي امرأة.

منتهى الرمحي: جلالة الملك عبدالله الثاني كيف يتواصل مع الاولاد في ظل ازدحام برنامجه؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: يعني يمكن هذا تحد يواجه الجميع لأن الحياة وتيرتها صارت سريعة جداً وأعتقد أن الواحد يجب أن يبني في برنامج يومه، في روتين يومه أوقات محددة يقضيها مع العائلة والا اليوم بخلص وما بتعرفي وين راح.

فاحنا مثلاً طاولة العشاء دائماً تجمعنا، وحتى أصدقائي يعرفون انه لما يعزموني على العشاء أنا ما بروح بتعشى لانه دائماً بنحب نتعشى مع بعض كعائلة، فعلى طاولة العشاء كل واحد بيحكي عن يومه بنعرف شو آخر الأخبار مع بعض بصير في مزح بصير في هوشات بصير في كل شي ولكنها تجمعنا بروح عائلية. طبعاً يوم الجمعة مهم جداً، يوم العائلة بنتغدا دائماً مع بعض، جلالة سيدنا يحب دائماً يتفرج على التلفزيون مثلاً مباريات كرة القدم مع الاولاد وغيرها فالمهم انه الواحد دائماً يبني في روتين يومه أوقات يخصصها للعائلة هذا أمر مهم جداً.

منتهى الرمحي: ونوعية الوقت أيضاً مش كميته

جلالة الملكة رانيا العبدالله: الاثنان مهمان، الكمية والنوعية حتى أوقات أشعر أن مجرد أن أكون قريبة منهم حتى لو كل واحد فينا بمارس نشاط مختلف هذا يعطيهم شعورا بالاطمئنان أننا قريبون منهم.

منتهى الرمحي: صحيح في عائلاتنا كثير الابن بكون على ال ipad البنت على الiphone والأم تتفرج على التلفزيون لكن كلهم قاعدين بغرفة واحدة.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: بنفس الغرفة.

منتهى الرمحي: ستي بتحكي انت وجلالة الملك بالسياسة؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: أكيد، يعني هالأيام مين ما بحكي بالسياسة لكن بدي اسألك سؤال.. اليوم الطبيب بعد يوم طويل هل يحب عندما يرجع عالبيت يحكي بالطب؟

منتهى الرمحي: لا بكون زهق

جلالة الملكة رانيا العبدالله: بكون زهق، نفس الشيء جلالة سيدنا بعد يوم طويل ما بحب أن يرجع إلى البيت ويتحدث بأمور سياسية داخلية وأنا أحرص أن البيئة تكون تخفف عليه لا أن تثقل عليه فيومه ثقيل أصلاً وعليه مسؤوليات ليست بسيطة أبداً فيحب أن يكون البيت مكان يبعده عن هذه المسؤوليات. وهو أكيد حتى لو أنا عَبرت عن رأيي سيكون هو رأي من بين الآف الآراء التي يسمعها وعنده مرجعيات هي مختصة بأمور السياسة والتي يأخذ آراءها بعين الاعتبار. فأنا حتى لو عبرت عن رأيي، أكيد هذا رأي يعني لا أفرضه بأي طريقة من الطرق ولا يمكن أن يُطبق ولكن الأهم أن يكون البيت مكان يُخفف عليه من ثقل يومه.

منتهى الرمحي: جلالة الملكة يمكن أختم هذا الحوار بسؤال ماذا يعني لك أن تكوني ملكة؟

جلالة الملكة رانيا العبدالله: هي مسؤولية كبيرة وشرف عظيم ويمكن هذا الشرف ليس نابعاً من كلمة ملكة، ولكن مصدره الشعب الذي لي الشرف أن أكون ملكة لهم لكن بنفس الوقت مثل ما في رانيا ملكة، في رانيا الأم، الابنة، الصديقة، الزوجة وبكل هذه الأدوار أنا لا أختلف عن أي سيدة ثانية في أي موقع. عندي نفس المخاوف، نفس التحديات، نفس الهموم. والأمر الثاني أنا عندما أكون مثلاً في الميدان ويلتفت لي أحد المواطنين يخاطبني يقول لي يا هلا بملكتنا، هذه الكلمة تعني لي الكثير لأنها تشعرني أنهم عرفوا أن حياتي مُلكهم ففرحي من فرحهم وهمي من همهم. فإذا كانت كلمة ملكة تعني لي بعض الشيء فمَلِكِتنا تعني لي كل شيء.

منتهى الرمحي: جلالة الملكة رانيا فعلاً شكراً جزيلاً لكِ على إتاحة هذه الفرصة لنا.

جلالة الملكة رانيا العبدالله: شكراً لك .. شكراً منتهى.