جلالة الملك عبدالله الثاني يشدد على ضمان جودة التعليم العالي، مؤكدا أن العنف في الجامعات خط أحمر

25 نيسان 2007

عمان - شدد جلالة الملك عبدالله الثاني على أهمية وجود خطة واضحة للتعليم العالي تحسن نوعيته وجودته للسنوات الخمس المقبلة بما يضمن حق الجيل الشاب في دراسة جامعية مخرجاتها عالية الجودة تمكنه من المنافسة في السوق العالمي.

وأكد جلالته خلال لقائه في الجامعة الأردنية اليوم، بحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله،ورئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت ورئيس الديوان الملكي الهاشمي سالم الترك ووزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور خالد طوقان وعدد من رؤساء الجامعات الأردنية الرسمية أهمية العمل على معالجة تحديات التعليم العالي، والبناء على الانجازات التي تحققت في هذا القطاع والمرتكزات التي انبثقت عن الأجندة الوطنية.

وأكد جلالة الملك على ضرورة التركيز على جودة ونوعية التعليم، للإسهام في إيجاد الكوادر البشرية المؤهلة القادرة على حمل المسؤولية في مختلف القطاعات التي يحتاجها الوطن.

ودعا جلالته إلى أهمية التركيز على النهوض بالبنية الفكرية للطلبة لاستثمار كفاءات وقدرات طلبة الجامعات للمساهمة في مسيرة البناء والإنجاز.

ووجه جلالته جميع المعنيين بالتعليم العالي من رؤساء جامعات وحكومة إلى معالجة قضية العنف في الجامعات وبسرعة، قائلا .. ان هذا خط أحمر ولن نتهاون فيه باعتباره يشكل خطرا على أجيالنا ومستقبلنا.

وكلف جلالته الدكتور طوقان بتشكيل وترؤس الفريق الوطني لوضع إستراتيجية التعليم العالي للأعوام الخمس المقبلة للتأكد من أن الأردن يسير في الاتجاه الصحيح بالنسبة لهذا القطاع.

أما رئيس الوزراء فقد أكد دعمه لوزير التعليم العالي في إصراره على تطبيق معايير الاعتماد للجامعات من أهلية ورسمية وضرورة دفع المخالفين غرامات تتناسب مع مخالفاتهم.

وأشار إلى فكرة العودة إلى امتحان المرحلة الإعدادية لإعادة الهرم التعليمي في الأردن إلى نصابه الصحيح، حيث المفترض أن يكون التعليم التقني والمهني قاعدة الهرم لا قمته.

وعرض الدكتور طوقان أهم التحديات التي تواجه التعليم العالي في الأردن والتي من أهمها عدم وجود تناسب بين عدد الطلاب وعدد أعضاء هيئات التدريس، ومشكلة التمويل، ومشكلة ضعف الإنفاق على البحث العلمي.

ووضع طوقان جلالة الملك في صورة الإحصائيات غير المشجعة لهذا القطاع، فهناك 203 آلاف طالب في مرحلة البكالوريوس و20 ألف طالب دراسات عليا يشرف على تدريسهم 8500 دكتور فقط، مما يشكل عبئا كبيرا على المدرس ويحرم الطلبة من الاستفادة الكاملة من المادة والمدرس.
وشرح طوقان مدى ضعف الإنفاق على البحث العلمي،حيث ان إجمالي ما أنفق على البحث العلمي العام الماضي 5ر2 مليون دينار (أي أقل من 6ر0بالمائة من موازنة الجامعات)، كانت مساهمة الجامعات الرسمية 98 بالمائه منها والجامعات الخاصة 2 بالمائه، رغم أن قانون الاعتماد يفرض على الجامعات الخاصة إنفاق 5 بالمائة من ميزانياتها على البحث العلمي.

وأكد طوقان أن الإستراتيجية ستكون جاهزة في غضون شهرين ليبدأ تطبيقها في هذا الصيف، مشيرا إلى أن هذه السرعة تعود إلى اعتمادها على الخطة التي وضعتها وزارة التعليم العالي وعلى تقرير مؤسسة ماكنزي العالمية الذي درس واقع التعليم العالي في الأردن وخرج بتوصيات محددة، إضافة إلى توصيات الأجندة الوطنية.

وحول تحدي تزايد أعداد المقبولين في ظل تناقص الدعم الحكومي للجامعات مما يؤثر على جودة التعليم، أشار طوقان إلى تأسيس صندوق التعليم العالي وتحويل جميع الرسوم الجمركية والإضافية للصندوق مباشرة، وإعادة هيكلة أسس توزيع الدعم الحكومي بحيث يربط حجم التمويل بكفاءة الجامعة وانجازاتها، وهيكلة الرسوم الجامعية وإنشاء بنك الطالب ليستطيع خدمة 40 ألف طالب، إضافة إلى وجود استراتيجيات تمويل بديلة للجامعات.

وأكد طوقان في حديث للصحفيين عقب اللقاء عدم رفع الرسوم الجامعية في المدى المنظور قائلا إن الحكومة ستستمر في نهج تسديد مديونية الجامعات وإنشاء بنك الطالب.

وقال إن الإستراتيجية ستعمل على تحديد أعداد المقبولين في الجامعات، إضافة إلى إلغاء التعليم الموازي في الجامعات وقبول الطلاب حسب القدرة الاستيعابية للجامعات، مع اعتماد امتحان القبول للطلاب ذوي المعدلات المتدنية الذين لم ينجحوا على أسس تنافسية، وذلك اعتبارا من مطلع العام الدراسي المقبل.

وأشار طوقان إلى مشروع تطوير التعليم العالي الذي تتعاون فيه الحكومة مع البنك الدولي والوكالة الأميركية للإنماء الدولي.

وأكد وقف القبول في برامج الدكتوراه في جميع الجامعات الرسمية والأهلية اعتبارا من العام المقبل.

أما رئيس الوزراء فقد أكد وقوفه خلف وزير التعليم العالي في إصراره على تطبيق معايير الاعتماد للجامعات من أهلية ورسمية وضرورة دفع المخالفين غرامات تتناسب مع مخالفاتهم.

وأشار إلى فكرة العودة إلى امتحان المرحلة الإعدادية (المترك) لإعادة الهرم التعليمي في الأردن إلى نصابه الصحيح، حيث المفترض أن يكون التعليم التقني والمهني قاعدة الهرم لا قمته.

وتسعى إستراتيجية التعليم العالي التي عرضها أمين خليفات من مكتب جلالة الملك إلى إعادة هيكلة أسس القبول بحيث يتم استيعاب ما لا يزيد عن 70 بالمائة من الطلبة الناجحين في الثانوية العامة في مؤسسات التعليم العالي وتوجيه النسبة المتبقية للتدريب المهني والتقني خلال السنوات الخمس المقبلة، إضافة إلى وضع الخطط اللازمة لإلغاء القبول في نظام التعليم الموازي إلغاءً تاماً لضمان جودة التعليم الجامعي.

كما تتضمن الإستراتيجية إنشاء مركز وطني للامتحانات لغايات القبول والتخرج في مرحلة البكالوريوس والدراسات العليا لغايات ضبط جودة التعليم.

وفي مجال ضبط الجودة ونوعية التعليم تسعى الإستراتيجية إلى تخفيض نسبة الطالب إلى أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية من 35:1 إلى 25:1، لأن نمو عدد الطلبة بمعدلات كبيرة لم يرافقه نمو في أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات مما أثر على نوعية التعليم.

كما أكدت الإستراتيجية ضرورة تطبيق معايير الاعتماد وبرامج ضمان الجودة في كافة مؤسسات التعليم العالي الرسمية والأهلية، وضبط عملية فتح برامج الدكتوراه في الجامعات وتوجيه الجامعات نحو دعم برامج البكالوريوس والماجستير في المرحلة الحالية.

وتشير الإحصائيات إلى وجود ثلاثة آلاف طالب يدرسون للحصول على درجة الدكتوراه في الجامعات الأردنية، وهذا العدد كبير جداً وسيشكل عبئاً كبيراً على الدولة في المستقبل.

أما في مجال تمويل الجامعات فتقترح الإستراتيجية الاستمرار في تنفيذ خطط تخفيف عبء مديونية الجامعات بحيث يتم التخلص منها نهائياً، وربط الدعم الحكومي للجامعات بنتائج تقييم أدائها واحتياجات الطلبة.

كما دعت إلى وضع استراتيجيات تمويل بديلة للجامعات ومنها إنشاء الوقفيات في كل جامعة وإنشاء مراكز تميز تقدم خدمات في مجالات الاستشارات والخدمات الطبية والهندسية والتقنية وغيرها.

وفي مجال البحث والتطوير العلمي، دعت الإستراتيجية إلى زيادة مساهمة القطاع الخاص في البحث العلمي من 2بالمائة إلى 25 بالمائة من إجمالي الإنفاق على البحث العلمي، وتعزيز البحث العلمي وتنسيق سياسات البحث الوطنية وجهود التمويل، وتعزيز حقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى توفير الحوافز للطلبة والأكاديميين الذين يثبتون قدراتهم في مجال البحث العلمي وإدخال موضوع البحث العلمي وتطبيقاته في برامج البكالوريوس في جميع الاختصاصات.

وطالبت الإستراتيجية بإعادة النظر في إدارة قطاع التعليم العالي من اجل الوصول إلى الأهداف المطلوبة، وذلك بمراجعة قانون التعليم العالي ودور وصلاحيات مجلس التعليم العالي، وتركيز دور المجلس على رسم السياسات ووضع الاستراتيجيات والتنسيق بين المؤسسات العاملة في القطاع وترخيص الجامعات وكليات المجتمع.

من جهتهم، عرض رؤساء الجامعات الأردنية الحضور هموم جامعاتهم حيث أكد رئيس الجامعة الأردنية الدكتور عبد الرحيم الحنيطي أن نقص الكوادر التدريسية مشكلة تواجه الجامعة، وهو ما يتم معالجته بالبعثات التعليمية، إلا أنه أشار إلى أن الضائقة المالية التي تعانيها الجامعة تقيد توسيع قاعدة الابتعاث.

وطالب الحنيطي بحماية الجامعات من أهلية ورسمية من تسلل حملة الدكتوراه من ذوي المؤهلات المتدنية للتدريس فيها حماية للمستوى التعليمي وللأجيال القادمة.

كما طالب بتطبيق معايير الاعتماد المحلية والدولية على الجامعات في الأردن والتوقف عن نهج الزيادة الكمية على حساب النوع، مما يصعب توفير النسبة المطلوبة بين عدد الطلبة وعدد الأساتذة.

واثنى رئيس جامعة مؤتة الدكتور سليمان عربيات على ما قاله زميله الدكتور الحنيطي في موضوع حماية الجامعات من تسلل الكوادر التدريسية ضعيفة المستوى. فالكم الهائل في أعداد خريجي الدكتوراه في بعض الجامعات يشكل أمرا ضاغطا على المستويين الاجتماعي والسياسي لقبول هؤلاء في صفوف الأساتذة.

وطالب الدكتور عربيات بعدم رفع الرسوم الجامعية لأن الكثير من الأهالي غير قادرين على تحملها، وخاصة في الجنوب، موضحا أن الجامعات الرسمية تتحمل عبئا اجتماعيا واقتصاديا، فهي مؤسسة اقتصادية توظف الأيدي العاملة، إضافة إلى أن معظم من ترسلهم في بعثات لا يعودون مما يحمل الجامعة أعباء جديدة.

ونوه عربيات إلى أن الجامعات الأهلية لا تساهم في إرسال البعثات أو في البحث العلمي بما يساعد في التخفيف من عبء التعليم على الأستاذ.

أما رئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الدكتور وجيه عويس فقد عزا التراجع في مسيرة التعليم العالي في الأردن إلى بداية التسعينيات عند فتح المجال أمام الجامعات الخاصة، بدون تقديم إستراتيجية تعليمية واضحة.

وشرح عويس الآثار السلبية للتعليم الموازي الذي أدى إلى تراجع مستوى التعليم بسبب زيادة أعداد الطلبة وعدم مواكبة ذلك زيادة في أعداد الهيئة التدريسية، موضحا أن بعض شعب الهندسة يدرس فيها مئة طالب وهذا أمر غير مقبول.

وقال عويس أن مساعدة جلالة الملك واهتمامه كفيل بحل هذه المشكلة وليس فقط ليعود التعليم العالي كما كان بل ليحقق أيضا سمعة دولية جيدة.

وتحدث رئيس جامعة اليرموك الدكتور محمد الصباريني عن الدور الذي قامت به الجامعة في رفد الأردن والدول العربية بأفضل الكفاءات من الطلبة الخريجين في مجالات الإعلام والآداب والفنون والشريعة الإسلامية.