الملكة رانيا تؤكد أن حق الفرد في الكرامة الإنسانية يولد معه وهو الأساس الذي قامت عليه الفلسفات العقائدية والاجتماعية في كل أنحاء العالم

11 كانون الأول 2003

عمان - أكدت جلالة الملكة رانيا العبدالله أن حق الفرد في الكرامة الإنسانية يولد معه وهو أساس حقوق الإنسان والأساس الذي قامت عليه الفلسفات العقائدية والإجتماعية في كل أنحاء العالم.

وأشارت جلالتها في المقال الذي نشر في صحيفة الحياة اللندنية اليوم إلى أنه ورغم ما يشهده العالم من تحولات تسببت في معاناة الأفراد خاصة في منطقة الشرق الأوسط فان هنالك إهتماماً غير مسبوق قي تعزيز حقوق الإنسان وترسيخ قيم السلام والأمن وإشاعة مناخات الديمقراطية.

وكانت جلالة الملكة رانيا العبدالله عضو المنتدى الإقتصادي العالمي وعضو صندوق تعويضات الضحايا التابع للمحكمة الجنائية الدولية قد أشارت إلى أن تعزيز حقوق الإنسان ليس سهلا وليس متاحاً دائماً مضيفة إلى أن واجبنا الأخلاقي يحتم علينا إحترام حقوق الإنسان وصون كرامته وهو محور الديانات السماوية وهدف دائماً يصب في مصلحة الجميع.

وأشارت جلالتها وهي أم لثلاثة أبناء أنه من واجبنا كآباء ترسيخ مفهوم حقوق الإنسان وصون الكرامة الإنسانية عند أبنائنا كما علمنا الراحل الملك الحسين بن طلال رحمه الله بأن "من واجبنا حماية كرامة الإنسان أينما وجد، وبغض النظر عن شخصه أو معتقداته."

وأشارت جلالتها إلى التفجيرات التي طالت مكاتب الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر في بغداد والإعتداءات الأخرى المماثلة في الكونغو وأوغندا والقوقاز والهجمات على منظمة كير العالمية في أفغانستان تعكس تنامياً مقلقا في العنف الموجه ضد موظفي الإغاثة، بحيث أصبح معدل العنف ضد هؤلاء ضحية واحدة كل يومين.

وقالت جلالتها "أن العاملين في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية هم خير من يمثل منظومة الأخلاق العالمية، وأفضل ما يمكن أن نبدأ به هو تحقيق نقلة حقيقية أخلاقية نقوم بها لدعم أولئك العاملين، والذين يعرضون حياتهم للخطر يومياً من أجل الآخرين، فمساحة العمل الإنساني التي يحتاجون إليها تتضاءل يومياً، وإذا لم نتخذ إجراءات تحد من هذا التضاؤل فإننا سندفع كمجتمع إنساني الثمن غالياً."

وطالبت جلالتها المجتمع الدولي التدخل الفوري لتوفير الأمن والحماية ومساحة وشروط العمل الإنساني المناسبة لتمكين العاملين في هذا المجال من القيام بعملهم على أكمل وجه.

وبينت جلالتها إلى انه وبالرغم من هذا كله، فان بإمكاننا أن نحقق نجاحاً في هذا المجال أكثر مما تم تحقيقه، وذلك بإغلاق فجوة القيم الموجودة بين الشعوب، فالأنظمة العالمية الجديدة التي غيرت حياتنا وعملنا وتواصلنا مع بعضنا بإمكانها أن تقدم لنا نظاماً عالمياً موحداً للأخلاق والقيم.

وأكدت جلالتها على أن عولمة مفهوم الكرامة الإنسانية مهم بقدر عولمة الإتصالات والتجارة والتكنولوجيا والمعرفة مشيرة إلى أن العالم الإسلامي وعندما يحتفل بفوز شيرين عبادي بجائزة نوبل للسلام فهذه رسالة إلى العالم أجمع بأن إيمان شيرين الديني لا يتناقض مع عملها في مجال الديموقراطية وحقوق الإنسان.

وأضافت جلالتها "أن العالم حين يفقد أهم رموز السلام ودعاة إحترام حقوق الإنسان بمقتل سيرجو فييرا دي ميلو وهو يسعى لتوفير المساعدات للشعب العراقي، وتخفيف معاناته، فإن ذلك يدعو المجتمع الإنساني كله شعوباً وحكومات وأفراداً إلى التكاتف والتعاون لإحترام حقوق الإنسان وصون كرامته، ومعالجة كل الأوضاع التي تسبب الصراع وعدم الإستقرار والتطرف والعنف في أي مكان من هذا العالم."

وأكدت جلالتها سعي الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني لأن يكون نموذجاً للدولة العربية الإسلامية التي يمارس فيها كل فرد دوره الحيوي في بناء مجتمعه من خلال تكريس قيم العدالة والمساواة والديموقراطية داخل حدود الوطن، ودعوة الآخرين إلى الإستفادة والإقتداء بتجربتنا الحضارية والإنسانية في هذا المجال.